مجموعة انسان

إنسان أنا ،،، يتجمع بداخلي مجموعة بشر ،،،

أحمد الشكيلي



" قــيّـد ألفاضك وراقب أفكارك واحسب للكلمة حساباً فإن الزلة ذلة وخطل الكلم يوجب الندم "
قرأتها في كتاب : قصائد قتلت أصحابها لعائض القرني

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

من أصداء نوفمبر المجيد

من أصداء نوفمبر المجيد
إنه لعظيم فخر واعتزاز كبير أن نعايش هذا اليوم المجيد من أيام عُمان الماجدة ، ونحتفي سويا بعيدنا الوطني التاسع والثلاثين المجيد لمسيرة النهضة المباركة بقيادة مولانا باني عُمان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه .
إن الثامن عشر من نوفمبر يوماُ فريداً من أيام عمان المعاصرة ، يومٌ تتوج بقابوس الخير ، يوم كان لعمان فيه استشراف لمستقبل مشرق يخرجها مما كانت عليه إلى ما ستصير إليه كان هذا اليوم في الثامن عشر من نوفمبر 1940 م ، يوم بزغ فيه قبس من نور فصار قابوس الهمام .
انه لمن حق كل عُماني وفيِّ لوطنه سواء كان يعيش في ثرى هذا الوطن المعطاء أو فرض الواجب عليه أن يكون في خارج البلاد أن يحتفل بعمان الحديثة ودولتها العصرية ، انها شهادة ميلادٍ واحدة تلك التي حررت لمقدم جلالته الميمون ولنهضة عُمان الحديثة ، الإنسان والمكان والزمان أيضاً .
تسعة وثلاثون عاما كانت بديعة العطاء ، كثيرة الإنجاز عظيمة الوعد الوفاء تسعة وثلاثون عاما جسدت مسيرة قائد عظيم أبى إلا أن يبني عُمان بأيادي عُمانية ، أبى إلا أن يبني العمانيون مستقبلهم يحطمون المستحيل ويذيبون الحدود ويلغون الصعاب ، شعب عمان المجيد مكافح لأجل أن تبني عُمان مستقبلها شعبٌ تذوق مرار الصبر ولعق المر في سنوات عديدة وقد حق له الآن أن يعيش في رفاهية وراحة في سعادة وسرور ، يعيش ونفسه مطمئنة بأن عُمان اليوم ليست عُمان الأمس ، عُمان اليوم تمثل ملحمة قائد وشعب ، مسيرة سلطان وسلطنة ، مسيرة عهدٍ ووفاء ، مسيرة وعدٍ وانجاز .
لقد استقرت مزن المحبة على سماء عُمان فأمطرت غيثاً مغيثاً نافعاً غير ضار على عُمان الماجدة وأهلها الأماجد ، إنه ( قابوس الهُـمـام ) قابوس الذي فجر النهضة وأزاح غياهب الظلام ، قابوس الذي أرسى دعائم حضارة جديدة وأبعد عن عُمان وأهلها ما رزحت تحت وطأته من ظلم وأسى ، قابوس الذي عاهد نفسه أمام شعبه بأنه سيعمل ويعمل من أجل من ؟ من أجل هذا الشعب الأبي وعُمان المعطاء ليخرج بهم من قيود العزلة وأصفاد الإنغلاق الحضاري إلى رحابة الحياة وسعة الفكر العماني والعالمي ، قابوس الذي وعد فأوفى وقال ففعل ، قابوس الذي تلهج ألسنة العمانيين من أقصى عُمان إلى أقصاها بالدعاء له أناء الليل وأطراف النهار ، قابوس الذي تحتضنه منا القلوب والمهج وتفديه منا الأرواح والأبدان ، قابوس الذي جعلنا نعيش في واقع آخر ونبتهج بعُمان وقائدها ونفاخر به كل الشعوب ، قابوس الذي جعلنا نمضي في هذه الأرض رافعي الهامة مشروحي الصدر والخاطر ، قابوس الذي جعل كل شعوب العالم تنظر إلى عُمان وأهلها نظرة احترام وتقدير ، نظرة غبطة وإعجاب وربما كانت نظرة حسد لما تحقق على هذه الأرض الطيبة المباركة في غضون سنوات معدودة لم تصل فيها الكثير من الدول قبلنا إلى ما وصلنا إليه.فهنيئا لنا قابوس وهنيئا لنا عُمان ..

لقد عاشت بلادنا الحبيبة عُمان في وحدة وطنية رائعة تجسدت بين القائد وشعبه لتعطي دليلاً واضحا وصادقاً على مدى حب الشعب لهذا القائد العظيم واعترافا بما بذله جلالته - حفظه الله ورعاه - من جهد كبير وتفكيرعظيم وصبر بالغ لعبور العديد من العقبات الداخلية والخارجية وذلك يدل على تيقن جلالته حفظه الله ورعاه بإن الأمور لا تأتي بين يوم وليلة وأن النجاح لابد أن تصاحبه صعاب وأن الحلو لن يكون حلواً ما لم نتذوق المر في سبيل الوصول اليه حتى نعرف مدى حلاوته. لقد كان جلالته موقناً بما لا يدع مجالاً للشك إن بناء دولة عصرية من الصفر هي عملية صعبة ومعقدة وتحتاج الى إرادة سياسية وقيادة واعية حتى يمكن للحلم ان يتحقق وأن يصبح المستحيل ممكنا والصعب سهلاً ، وبتوفيق من الله فقد وجد جلالته الإرادة العظيمة في نفوس هذا الشعب الأبي كما وجد الشعب السياسة الحكيمة والإرادة الواعية المدروسة عند القائد العظيم لتتظافر جهود القيادة مع جهود الشعب وتتكامل الارادة القوية مع العزيمة والصبر وحب عُمان لتشهد الأجيال بعد تسعة وثلاثين عاماً ماذا حدث لوطنهم من تحديث وتطوير في كل مناحي الحياة لم تشهدة دولٌ أخرى في قرن من الزمان.
إن سلاح الإرادة القوية الذي يتمتع به قائد البلاد المفدى وحكمته الرشيدة وطموح الشعب العماني لم يجعل للتخاذل عن أداء الواجب مجالاً للتسلل داخل النفس العمانية المؤمنة بحب وطنها الحريصة على رقيه وازدهاره ، فقد عمل الإنسان العماني في كافة المجالات ومارس مختلف المهن بداء من أصغرها ووصولا لأكبرها متدرجاً بين العديد منها ليرتقي في النهاية سلم المجد الذي ينشده ، لم يتهاون ولم يترفع ولم يجعل من نفسه إنساناً فارهاً وترفع عن أداء واجبه ، اقتحم الصعاب وكافة مجالات العمل ليكشط عرق جبينه فرحاً بما أنجزه سعيداً بلقمة عيشه التي وفرها من كده وتعبه لبناء عُمان ، جاعلاً نصب عينيه ( فلنكدح من أجل عُمان ) ، نعم نكدح من أجل عُمان ، التي ما فتئت تخرج الأجيال المثابرة الساعية الى لقمة عيشها ، الراغبة في ازدهارها بسواعد أبنائها الأوفياء ، وكم كنا لخطب جلالته السامية ومقولاته الخالدة دوراً كبيراً في شحذ الهمم وتقوية العزيمة فكم كان يحث جلالته الشعب على المثابرة والمواضبة على العمل نابذاً الترفع والتأفف من ممارسة الأعمال مهما كانت صغيرة ، وكم من نماذج ناجحة للعمل المخلص والصادق تزدهي بها عُمان الغالية بفضل توجيهات جلالته الحكيمة ، ولن أنسى ما قاله جلالته في حديثه لجريدة السياسة الكويتية والذي أشار فيه بأننا في عمان { لا نعطي المواطن سمكاً بل نعلمه كيف يصطاد ليوفر لقمة العيش له } ، وهذا يتضح جلياً في ما تشهده السلطنة وبشكل دائم من توقيع اتفاقيات لتدريب الشباب على العمل في المجالات المختلفة كالحدادة واللحام والنجارة والإنشاءات وغيرها من المجالات المهنية والفنية التي باتت مهمة جداً وأصبح الشباب يتقنها بشكل جيد ليشكلون عملة ماهرة كل في مجالة ، في حين أن الكثير من الدول المجاورة تعتمد على العمالة الوافدة في ممارسة هذه الأعمال بينما قطعت عماننا الحبيبة شوطاً كبيراً في تعمين هذه المهن وإحلال الكوادر الوطنية العُمانية المؤهلة والمدربة لتأخذ دورها وتسهم بطريقتها في مضمار التنمية وبناء الوطن والشواهد في ذلك كثيرة جدا ولا مجال لإحصائها وعدها ، ولكن الحضور الشبابي في مختلف المهن والمجالات خير شاهد على ذلك ، هذا هو الفكر القابوسي الحكيم الذي نفخر به ونفاخر من حولنا ، ونحمد الله أن وهب لنا قائداً حكيماً وسيداً مجيداً .
لقد أرسى جلالته حفظه الله ورعاه دعائم الشورى مقتديا بكتاب الله وهدي نبيه الكريم وقد قال جلالته في حديث أكثر ما يوصف بأنه فريد من نوعه في لقائه بأبنائه طلاب جامعة السلطان قابوس { نحن نشاور ولكن إذا عزمنا نتوكل } ، نعم هي المشورة التي أوصى بها ديننا الحنيف حيث جاء الأمر الرباني { وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله }، إنه الأمر الذي سار على هديه المجتمع العُماني على تعاقب مراحله التاريخية واختلاف قياداته السابقة ، انه نهج يعبر في تطوره المتدرج والمتواصل، وفي ارتباطه بخصوصية المجتمع العماني وتقاليده الاصيلة من ناحية، واستجابته لاحتياجات التطور والتحديث التي حققها وتحققها مسيرة النهضة العمانية الحديثة من ناحية ثانية، وهو وبلا شك مثالاً حياً وواضحا عن مدى اهتمام جلالته حفظه الله ورعاه بذلك جاعلاً نصب عينيه ( ما خاب من استشار ) . وأتت مسيرة الشورى أكلها الطيبة حيث تمكنت الدولة من اشراك المواطن في صياغة وتوجيه وتحقيق خطط التنمية المختلفة ، لأنه في الأساس هو هدف التنمية وغايتها .
انها نهضة مجيدة وقد صدق الشاعر حين وصفها بكلمة ( جبارة ) ، نهضة أستطاعت أن تجبر كل شيء لتسخره في سبيل الماجدة عُمان ، نهضة غيرت مسار التاريخ في عُمان وأفردت لها مرتبة متقدمة وموقعا مميزا على الساحة الدولية ، نهضة نقلت المواطن العماني من عصر منسي غابر الى آخر مشرق بتجلياته ومكارمه وإنجازاته وهو يوم سجله التاريخ فارتسم في القلوب وحفظته الذاكرة العمانية ، وأجبرت الذاكرة العالمية أن تحفظه وتدونه في كتبها ومدوناتها وتفرد له في سجلات يومياته مكاناً فريداً ليعلم به كل باحث عن قصص الكفاح من أجل الوطن ، كل باحثٍ عن معنى الولاء ، كل باحثٍ عن معنى التضحية والوفاء لأجل أرض نشأ فيها وترعرع بها ذاق خيراتها وعاش في نعيمها ، ليرد لها بعد ذلك الخير أضعافا ويعمل كادحاً ليل نهار ( من أجل عُمان ) .
حقيقة أنني أفخر كثيراً بأن الله سبحانه وتعالى خلقني { عُمانياً } ولكم تمنى الكثير أن يكونوا عُمانيون ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، لكم قرأنا من إشادات عظيمة بهذه البلاد الطيبة وسلطانها الهمام ، لكم طالعنا في الصحف كيف هم يصفون عُمان ويضربون بها الأمثلة الرائعة في العمل والتضحية ، لكم تغنى الشعراء بحب هذا القائد العظيم والوطن المجيد تغنوا به عرباً وعجما ، وكم من كتب كُتبت عن عمان وعن قائدها وأقرب مثال عن ذلك ( قابوس بن سعيد مصلح على العرش ) ، وبالتأكيد فإن هذا الكاتب لم يقدم على كتابة هذا الكتاب لولا أن رأى أن شخصية مولاي صاحب الجلالة السلطان المعظم شخصية تستحق أن توثق تاريخيا ، شخصية تستحق أن يعرف العالم عنها ويتعلمها وما ترجمة هذا الكتاب للغات عديدة إلا شاهد بذلك ، فهنيئاً لنا قابوس وهنيئا لنا عُمان .
انه وعلى امتداد تسعٍ وثلاثين سنة من عمر النهضة العُمانية المباركة شهدت بلادنا الحبيبة طفرة تنموية وثورة اقتصادية شملت كافة القطاعات والمجالات الاقتصادية بما نتج من مشاريع اقتصادية عملاقة ، وقد وفر لهذه التنمية ازدهارها المتسارع اهتمام جلالة السلطان المعظم بها باعتبارها من أهم أعمدة النهضة العمانية الشاملة فلا رقي بدون اقتصاد قوي ، ولا مشاريع ناجحة بدون قرار سليم مدروس جيداً وممحص من كافة الجوانب لأن نتائجه وبلا شك ستنعكس على هذا الوطن ، والمواطن هو من سيجني خيره .
لقد شهدت السنوات المجيدة من عمر النهضة العمانية نقطة انطلاقة جديدة للتاريخ العماني المعاصر مستمداً انطلاقته من المكتسبات الحضارية العمانية والركائز الأساسية للتاريخ العماني المجيد الذي عاشه العمانيون في عقود دهرهم الماضي ، كما يمكن أن نعتبره قنطرة عبور نحو المستقبل الذي هو بلا شك مستقبلا زاهرا يسبقه الحاضر العظيم الذي تعيشه الأجيال العمانية الآن والذي تتوج تتوج بالعديد من المنجزات العملاقة على أرض الوطن ، مستقبل طالما حلم به من سبقنا من العمانيين الأوفياء وجعلوه نصب أعينهم هدفا يسعون إلى تحقيقه ، حلم راودهم سنين طوال رأوه في منامات كثيرة وشاءت قدرته عز وجل أن تشرق على عُمان وأهلها شمس جديدة وبفكر جديد في عام 1970 م معلنة بأنه آن الأوان لتحقيق حلم طال انتظاره ، فدوى الصوت عاليا " أيها الشعب .. إني سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل " أنه وعد قطعه مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم _ حفظه الله ورعاه _ على نفسه من أول يوم تولى فيه زمام أمورنا في هذا الوطن الغالي ، وعد فأوفى وقال فأنجز، وها هي الإنجازات تغطي كل شبر من أرض عمان الطيبة ، وتتواصل مسيرة النهضة العمانية الرائدة عاما بعد عام يقودها بحزم وبصيرة وبرؤيا ثاقبة وبحكمة يفتقر إليها الكثير حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه ـ الذي لا يألوا جهدا في سبيل تكريس حياته من أجل النهوض بعمان وتحقيق الحياة الكريمة لأبنائها في الحاضر والمستقبل والانتقال إلى حيث تستطيع عمان وطنا ومواطنا مواكبة كل التطورات والأحداث العالمية والمستجدات الراهنة على الساحة المحلية والدولية من حولها والتفاعل الايجابي معها .
إن الحديث عن النهضة العمانية الشاملة لا تحصيه الألسنة ولا المجلدات ، والكتابة عن عُمان ماضياً وحاضراً ومستقبلاً لا تنتهي ولن تنتهي عند حدٍ معين فالمقام أكبر من المقال والانجاز أعظم من أن تلهج به الألسنة وتبدع فيه الخواطر أو تنظم فيه القصائد ، والنهضة العُمانية كشمسٍ زاهرة لا يمكن أن تحجب بكف ، إن عُماننا الحبيبة وهي ترتقي سلم المعالي وتبني مستقبلها فهي تمضي من نجاح إلى نجاح ومن انجاز الى آخر أكبر منه وأعظم ، فهنيئاً لنا حكمة قابوسنا العظيم وعزيمته القوية واصراره على أن يخرج بعمان من الضائقة إلى السعة ومن الظلام الى النور ومن ضنك العيش إلى سعته ونعيمه ، وهنيئا لنا عمان بأهلها الأشاوس ، شبانها الأماجد وأطفال مستقبلها الباسم ، ولنمضي بعمان وتمضي بنا تحت لواء القائد الحكيم نُـعَـمِّر كل شبر فيها وننجز كل منجز بعزيمة القائد في صف واحد لأجل عمان ومستقبل أبنائها والأجيال القادمة .
ختاماً بهذه المناسبة العزيزة في نفوس العمانيين الفياضة بالحب والوفاء والاخلاص ، أرفع إلى المقام السامي لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه أسمى أيات التهاني والتبريكات بمناسبة العيد الوطني التاسع والثلاثين المجيد مقرونة بالدعاء لجلالته المعظم بكل خير وكل عام وقلوبنا عامرة بحب جلالته وكل عام وعمان الوطن والمواطن ترفل في نعمة الخير والأمن والسلام .. كل عام وقابوس بعمان وعمان بقابوس ، كل عام وجلالته ينعم بموفور الصحة والسلامة ، ووفق الله جلالته لما يحبه ويرضاه وكلاءه بعنايته وحرسه بعينه التي لا تنام .



أحمد الشكيلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق