مجموعة انسان

إنسان أنا ،،، يتجمع بداخلي مجموعة بشر ،،،

أحمد الشكيلي



" قــيّـد ألفاضك وراقب أفكارك واحسب للكلمة حساباً فإن الزلة ذلة وخطل الكلم يوجب الندم "
قرأتها في كتاب : قصائد قتلت أصحابها لعائض القرني

السبت، 3 أكتوبر 2009

تأوهات مظلوم

تأوهات مظلوم ...!!

خرج من مسكنه المتواضع في صباح يوم كان يحسبه أن يكون جميلاً ، أدار محرك سيارته المتهالكة وجلس بها برهة من الزمن ، تمتد يده الى المذياع فإذا بصوت يرتفع ( هااااااذا الصباح ) يستبشر خيراً في جو تكاد حرارته تشوي الأجساد ، توجه الى مقر عمله يسمع المذياع وصوت المذيع الذي يدعو إلى التفأول وتحفيز النفس منذ الصباح الباكر يحث على الهمة وبذل الجهد والنشاط في العمل ، يزداد تفاؤله فإذا به يقول ( إذا لم تعمل ما تحب فــحب ما تعمل ) .
ينظر يمينا ويساراً يرى وجوه الناس وهم في طريقهم لأعمالهم منهم من تبدو على وجهه السعادة ومنهم من ترى شرر الغضب يتطاير من عينه ، يعلق في زحام معتاد فيناضر ساعته ويقول ( حـشرٍ مع الناس عيد ) . يرى الساعة تقترب من السابعة والثلث يقول لنفسه ما اعتدتُ أن أتأخر عن عملي ولكنه ما تزال عندي عشر دقائق تكفيني حتى أصل الى مقر عملي الذي أكن له محبة خاصة .
يصل مقر عمله في السابعة وسبعٍ وعشرين دقيقه ، يوقف سيارته ، يترجل منها ، يمتطي ذلك المصعد الذي لامسه التطوير مؤخراً يصل الى مكتبه فإذا بأحد المراجعين ينتضره على باب مكتبه ( ما شاء الله كأن الرجال ناوي يداوم معنا ) قالها في نفسه وهو ينظر الى ذلك الرجل ، يصافحه فيتبادل معه العلوم والأخبار كعادة العمانيين ، يقول له انتضرني قليلا سآتيك ، يدخل مكتبه فإذا بزميله قد سبقه راءه جالساً يقلب في يديه وريقات تحمل الأسى منذ الصباح الباكر تبادر الى ذهنه كلام المذيع عن التحفيز والعمل وبذل الجهد ، تعال يا .... انظر ماذا حدث من تخبط ؟؟ قالها زميله بكل أسى . يجيبه ليس الآن يا ... فلدي مراجع سأنهي موضوعه وأعود اليك .
جلس مع مراجعه والأسى يتغلغل في داخله ينخر في أعضائه يحطم نفسيته ويزعزع كيانه ، وفوق ذلك لم تفارق الابتسامة ـ ربما المصطنعة ـ شفاهه ، بث نوعاً من التفاؤل في نفس ذلك المراجع المسكين الذي ما إن قضي موضوعه حتى بدأ يدعو بدعوات طيبة لذاك الموظف المسكين ، يستأذنه بالخروج فيرافقه الى ذاك الممر الضيق بعدها ينهي ما استجد من اعمال خفيفه ليست من صميم عمله ولكن كُـلَّف بها فأتمها .
عاد الى مكتبه متثاقلاً يمشي الهوينى تتقاذفه خطواته المتثاقله يمينا وشمالاً ، يفتح الباب فإذا بعدد من الموظفين يقفون داخل المكتب ، قال لا بأس فربما يسلم كل منهم على الآخر فما يزال العمل في بدايته ، تعال يا ...... فقد فعلها الـ...... ! يجيبهم بكل أسى : لا جديد عليهم فليست المرة الأولى التي يقطعون فيها أرزاق الناس !! قد تعودنا على ذلك فماذا بوسعنا أن نفعل !!
هل هكذا يكون التحفيز ؟؟ هل هكذا يكون تكريم الموظف ؟؟ هل هكذا تكون مكافاءة المجد ؟؟ هل وهل وهل ... استفهامات كثيرة تبحث عن اجابة !! ولكن ليس هناك من يجيب .
أصوات تعلو وألسنة تلهج بالدعاء ودموع قاب قوس أن تنهمر على وجه صاحبها لولا أن منعه من ذلك كبرياء الرجولة وعزة النفس ..
مظلوم لا يسمعني أحد ، ولكني على يقين بأن الله يمهل لا يهمل .. قالها أحدهم وهو يخطو خطوات متكسرة ، كاد أن يفقد توازنه فيسقط على تلك الأرضية الراقية لولا لطف الله .
أعمل بكل جد وتفانٍ ، أزاول كل ما اكلف به من اعمال بلا تذمر أو تحفظ ، أجيئ باكراً كل صباح أؤأدي واجبي الوظيفي بكل اخلاص فالعمل واجب مقدس ، أصل الساعة بالساعة وكل اجابة تكون بالسمع والطاعة لم يسبق لي أن خالفت أمراً أو رفضت عملاً أو تجاهلت طلباً وظيفياً كم من الأيام تأخرت حتى المساء وكم من أيام غيرها قمت بواجبي في أيام الاجازات الرسمية متيقنا بأن هناك من يكافيء المجتهد .. ولكن في النهاية يظهر العكس الذي ما كنت أحسب أن يحدث في مؤسستي الرائدة .. أتكون مكافأتي بتأخير ترقيتي !! قالها وهو مطأطئاً رأسه للأسفل .. كيف يعقل هذا ؟
كثيراً ممن وردت أسماءهم في القائمة قد تعينوا بعدي حيث اني اسبقهم بشهور وبعضهم بأيام بسيطة ولكنهم لماذا ترقوا قبلي ؟؟ أردف هذه العبارة متمما لكلامه السابق .. يرد عليه أحد زملائه يبدو أنك لم تحظى بالقبول أو أنك لم تنافق وتجامل وليس لديك من يسندك ويتحدث عنك فبقيت مهملا في ذيل القائمة حالك حال كثير ممن هم متمسكون بمبادئهم لا ينافقون ولا يجاملون وإن حاولوا أن يفعلوا ذلك يفشلون لأنهم ليسوا من هذه الشاكلة .
ولكن ما هكذا النهج الذي تنتهجه الادارة الحديثة ولا هذا ما يدعو اليه علماء الإدارة .. كلهم ينادون بضرورة التحفيز حتى أن المذيع في برنامج هذا الصباح كان يدعو لتحفيز الموظف لإعطائه دافعاً نحو بذل جهد أكبر في سبيل رقي الوطن وعلو شأنه .
وكلتُ أمري إلى الله وسألته أن يأخذ لي بحقي ممن ظلمني ومنذ اليوم وصاعداً فلن اعطي عملي أكثر مما يستحق طالما أنه لا يوجد من يفهم معنى العمل ويقدره .. قالها قبل أن يلقي بجسده على كرسي مكتبه الذي طالما أن تشاركا سوياً في أداء الوجب .
أُحبط ، دُمًّـر ، حطمت معنوياته ، تزعزعت حالته النفسية وتبادرت له مقولة قالها له والده في وقت ماضي واصفاً العمل في هذه الأيام ( العمل هذه الأيام كمن يعمل في التصييف في الماضي من يحمل وقراً أو عشرة أوقار فهم سواسية ) والتصييف هو في لغة العمانيين ( الحصاد ) .
طاب صباح المجتهدين .



أحمد الشكيلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق