مجموعة انسان

إنسان أنا ،،، يتجمع بداخلي مجموعة بشر ،،،

أحمد الشكيلي



" قــيّـد ألفاضك وراقب أفكارك واحسب للكلمة حساباً فإن الزلة ذلة وخطل الكلم يوجب الندم "
قرأتها في كتاب : قصائد قتلت أصحابها لعائض القرني

الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

أبــي

إن الزمان يجدد الذكرى بكم
والقلب يحن شوقاً إليكم
فارقتمونا جسداً وتأصلتم في قلوبنا
ها هي السنون يا أبي تمضي سراعاً ونحن ما نزال أطفالاً نحاول أن نرضع من ثدي الحقيقة
أبي ،،، لقد غيبكم القدر عنا وأعلمُ بأن الموت حق وأنكم فارقتم الحياة بأمر الله فلا اعتراض .
أبي ربما هي رحمة من الله أن لا تستمر تعيش في سوداوية هذه الحياة .. فالحياة يزداد عتمها والنور إن بزغ قيدته الأصفاد .
أبي قد لا تستسيغ طعم أيام اليوم لو كنت حاضراً فيها ولكنه القدر فلكل زمن ظروف كما قلت لي سابقاً .
أبي ما عدتُ أستمع لحكم الأولين وقصص السابقين عندما كنت ترويها لي ، تُعلمني منها مواقف الحياة ، وتنير لي بها دربي ،،، فقد رحل الراوي وانقطعت الرواية .
أبي علمتني ان الحياة كفاح وعمل وفي المقابل أخبرتني إنها لعب ولهو للبعض من البشر ،، فها هي الآن اختلط كفاحها بلعبها ، وعملها بلهوها ، فما عاد العمل يخلو من اللهو ولا الكفاح من اللعب .
أبي أبصرتُ الدنيا وأنت معي ، تربيتُ عل يديك ، وتعلمتُ على يديك فكنت تكتب لي الحروف متقطعة فأقوم بإيصال النقط لأكون حرفاً ، كُنت أول من علمني كتابة الحرف وأول من علمني قراءته ، كنت معلمي الأول بما آتاك الله من علم يسير أخذته في بلاد المهجر كما أخذه غيرك من أبناء عُمان ، وكم كُنت تُثني على الكويت وتمدحها لأنك تعلمت بها القراءة والكتابة فحببتها إلى قلوب أبنائك من حبك لها .
أبي لم أنسَ أنك قلت لي يوماً " لي ما يدبرها مدبر يمسي صاحبها نديم " وها أنا أجد نفسي تحاصرني هذه العبارة في كل آن خشية أن أندم حيث لا ينفع ندم .
أبي ان الحياة دونكم كمن يمشي بقدمٍ حافٍ وساقٍ مكسورة لا يقوى على السير فاقداً عكاز الحكمة .
أبي خرجتم من دار متقلبة إلى دارٍ ثابتة فعسى أن تكون داركم الحالية خيراً مما خرجتم عنها .
ابي تتقاذفني المشاعر وتتجاذبني الأحاسيس فأجد نفسي تائها في معترك هذه الحياة ، تأخذني يمنة ويسرة وأنا لا حول لي ولا قوة ،،، فماذا عساي أفعل .
أبي ... فقدتكم ولستم كأي شيء يفقد فإني بفقدكم فقدتُ الكثير ، وخسرتُ الكثير ، وتعلمتُ الكثير ،، فأصبحت الحياة معلمي وموجهي .
أبي هآنا أقف بين النجدين فلا أقوى على تحريك إحدى قدماي إلا وصورتك ماثلة أمامي ونصائحك تزلزل كياني خوفاً من الولوج في نجد الشر .
أبي ان الكلام فيكم وإن طال قصير ، وإن كثر قليل ، وهكذا حال كل أبٍ علمته الحياة بقسوتها ، وتكبد مشقاتها وذاق من مرارتها ،، هكذا أنتم يا أبي هكذا أنتم أيها الأولون عشتم فعلمتمونا وقاسيتم فأمتعتمونا وجابهتم الصعاب فنورتمونا .
أبي لا أدري ما الذي ساق هذه الحروف لتتشكل هنا ، ولا أدري كيف أتت الكلمات فلم أشعر إلى ويداي تخط هذا الكلام وعيناي ترجع الى حلاوة الماضي حيث كنتم بيننا بينما يتعارك القلب مع العقل عاطفة تنساق نحو مآثركم الطيبة .
أبي إني استلهمتُ من فكرك الكثير ، وإني هنا أعمل جاهداً على أن أترجم ما استلهمته منكم واقعاً ولا أنكرُ أنني أخطأتُ في تقدير كثير من الأمور وما هذا بإرادتي فإني مهما كبرتُ أظل صغيراً ، ومهما تعلمتُ أبقى جاهلاً .
ذهبتَ يا أبي جسداً وبقيت بيننا روحاً وقلباً ، فنعم الأبُ أنت ونعم الرجل ُ أنت ، ونعم الصاحبُ أنت ، ونعم المربي أنت .
أبي ارقد قرير العين فربما العيشُ في هذه الحياة أصبح لا خير فيه ،، أبي رحمة الله عليك واسعة تتنزل بإذن الله .
اللهم ارحم أبي برحمتك الواسعة وطهره من الذنوب والخطايا كما يطهر الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد واجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النيران ، اللهم بدله بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً ، اللهم سكنه فراديس الجنان وزوجه بحور العين الحسان واجعله مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ، اللهم وسع له في قبره ومُد له فيه مد نظره ، اللهم يمِّـن كتابه وهون حسابه ، وأجعل الفردوس مآبه يا رب العالمين .

اللهم آمين  

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

ســـيفـم 6

* المساجد :.

تتوزع المساجد في كافة أنحاء سيفم ، حيث تضم أكثر من عشرة مساجد تتوزع من مسجد ومصلى قديمة وحديثة ، فمن أشهر مساجدها القديمة " مسجد الجامع " وهو أكبر مسجد يوجد في البلد قديما ويتميز ببنائه الهندسي القديم الذي يجمع بين الأقواس الجميلة في مداخله حيث يبلغ عدد الأقواس به 6 أقواس إضافة إلى المحراب ولا يزال هذا المسجد باقيا حتى الآن ويؤدي فيه الأهالي الصلوات المختلفة ، وكذلك من أشهر المساجد القديمة بسيفم " مسجد السيباط " وهو المسجد الموجود في مبنى داخل الحارة القديمة التي كان الأهالي يقطنها قديما ، و" مسجد الخليفية " والذي كان يقع في الجانب الشرقي من البلاد على مجرى الوادي مباشرة وقد تم هدمه وإعادة بناءه من جديد ، وكان هذا المسجد يمثل تحفة معمارية رائعة بروعة بنائه وتكوينه الهندسي الجميل ، ومن أشهر مساجد سيفم أيضا " مسجد المذبحة " وهو المسجد الذي يقع بين بساتين النخيل في الجهة الشمالية الشرقية من البلاد ، وقد أعيد بناءه بشكل بسيط ، وتشير أسباب تسميته بهذا الإسم إلى أن الأهالي كانوا في السابق يذبحون أغنامهم ومواشيهم بالقرب من موقع هذا المسجد لا سيما الأضاحي ، وغيرها ، ومن المساجد القديمة والتي أندثرت ولم يبقى منها سوى شواهدها الأثرية " مسجد سعيد " وهو يقع أيضا في أقصى شمال سيفم بين ضواحي النخيل وكذلك مسجد سنان والذي يقع في الجهة الشرقية من البلد ومن المساجد الحديثة في سيفم " مسجد طوي فارس " ، و" مسجد اللثيلة " ، وهناك جامع السلام والذي افتتح مؤخرا وتقام فيه صلاة الجمعة والصلوات الأخرى ، وجميع هذه المساجد أنشئت بجهود ذاتية من رجال الخير ، أما المصليات الصغيرة فمن أشهرها " مصلى المدرسة وهو يقع في الجهة الشمالية من البلد " ،كذلك يوجد مصلى صغير آخر يقع أيضا بين بساتين النخيل بسيفم ولكنه في الجنوب منها ويطلق عليه الأهالي " مصلى محمد بن جابر " نسبة الى الشخص الذي قام ببنائه كونه يقع بالقرب من مسكنه ووسط ضواحي النخيل في جنوب البلاد ، و يصلي فيه من يقومون بأعمالهم الزراعية وسقي المزروعات المجاورة له وتحين عليهم الصلاة وهم هناك.

* الحارة القديمة :.

تضم سيفم كما هو في باقي الولايات والقرى العمانية القديمة حارة صغيرة ، وهي الحارة القديمة التي كان يسكنها الأهالي في السابق ، ويتميز مجتمع الحارة بحصانته من حيث أن جميع بيوت الحارة محاطة بسور منيع مطعَّـم بأبراج تحصينية من مختلف الجهات لحمايتها ، كما تضم الحارة أيضا بئرا لماء الشرب وسقي الماشية والأغراض الأخرى كالطبخ وغيرها وهي البئر السابق ذكرها ، ويقع في الحارة أيضا " مسجد السيباط " وهو المسجد الذي ذكرناه سابقا ، كما يحيط بالحارة بساتين النخيل .
وتضم الحارة القديمة بسيفم ما يقارب سبعة أبراج تحصينية موزعة على مختلف الجهات كانت تستخدم كنقاط حماية وثكنات حربية في القدم ، وتضم الحارة في شكل بنائها القديم 28 منزلا كان يقطنها عدد من أهالي البلد على فترات مختلفة من الزمن ومعظمها لا يزال باقيا حتى يومنا هذا ولكن مع مرور الزمن هُـــجِـرت هذه الحارة وصارت كغيرها من الحواري العُـــمانية القديمة آيلة للسقوط ومعرضة للإندثار .
وكان بقية الأهالي يسكنون في خارج نطاق الحارة كــضواحي النخيل ، والسفالة ، والعابية ، والسيب ومنهم من خرج للعيش في وادي قريات وأماكن أخرى غيرها انتقلوا إليها فيما بعد نتيجة لظروف العمل أو لإعتبارات أخرى ، وهم متوزعون بشكل عشوائي شَّـــكل تجمعات سكانية في الوقت اللاحق .

* معطيات النهضة الحديثة :.

حضيت سيفم كغيرها من القرى العُمانية على امتداد هذا الوطن الغالي المعطاء بمعطيات النهضة المباركة لباني عُمان الماجدة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه ، حيث يتمتع الأهالي بمختلف الخدمات كــ : الكهرباء حيث دخل التيار الكهربائي إلى البلد في عام 1989 م ، وخدمة الهاتف الثابت والتي أدخلت أيضا في عام 1989 م ، كما يتلقى أبناء سيفم التعليم على مختلف مراحله الدراسية في المدارس الحكومية المشتركة مع قرى الولاية الأخرى ، ومنهم من يواصل دراسته الجامعية في جامعة السلطان قابوس وكليات التربية المختلفة ، والكليات التقنية والكليات الخاصة والمعاهد التخصصية الأخرى كالتمريض ومعاهد التدريب المهني وغيرها ، كما يواصل بعضهم دراستهم العليا سواء داخل السلطنة أو خارجها .
كما ينعم الأهالي أيضا بالخدمات الصحية المختلفة من خلال مستشفى بُـهلاء ، ومركز الغافات الصحي ،وأيضا مختلف الخدمات الأخرى لا سيما خدمات وزارة الزراعة والثروة السمكية أو غيرها من الجهات الحكومية المختلفة ، وخلال الفترة الأخيرة قامت الحكومة برصف الطريق المؤدي إلى سيفم ورفع المعاناة الشديدة التي كان يعانيها الأهالي أثناء تنقلاتهم وحركتهم المستمرة لا سيما فترة الأمطار وجريان الأودية التي غالبا ما تعرقل حركة المرور .
كما تقوم الحكومة أيضا بتوفير مياه الشرب للأهالي وتوزيعها على منازلهم بشكل دوري وذلك عن طريق ناقلات المياه ، ويحظى الأهالي باستخدام خدمة الهاتف النقال كغيرهم من المواطنين والخدمات الإتصالية المختلفة ، وهنالك الكثير من الخدمات الأخرى وجوانب التنمية المختلفة التي أصبحت متوفرة لدى أهالي سيفم ولم تكن موجودة في السابق .
كما قامت المرأة العُمانية في سيفم بدور حيوي وكبير في خدمة المجتمع ، حيث قامت مجموعة من النساء في سيفم بتكوين مركزا لتنمية المرأة الريفية ومارس أنشطته بالجهود الذاتية ، وتمكن هذا المركز من اقامة العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والاجتماعية والصحية والدينية أيضا من خلال تنظيم المعارض الفنية والتراثية ، ومعارض انتاجات المركز من مشغولات يدوية وفنية ، وكذلك من خلال ما يقوم به المركز من نشر الوعي الصحي وذلك باستظافة المختصين في الجانب الصحي لإلقاء المحاضرات المفيدة ، ويقوم المركز أيضا بتنظيم المحاضرات الدينية والاجتماعية وينظّم العديد من الرحلات للمنتسبات إليه .
يضم المركز قسما للأطفال حيث يقوم بتعليم الأطفال قبل التحاقهم بالمدارس وهو عبارة عن روضة مصغرة يتلقى فيه الدارسين الأساسيات في المجال التعليمي كتعليم الحروف والحساب والأساسيات المختلفة ، ويعتبر هذا المشروع هادفا في ما يقدمه .
* فريق وادي سيفم الرياضي الثقافي :.

حضى القطاع الشبابي في سيفم بولاية بُهلاء كغيرها من الولايات الأخرى بالعديد من معطيات النهضة المباركة ، حيث تم اشهار فريق وادي سيفم لإستقطاب العديد من المواهب الشبابية وفي مختلف المجالات :الرياضية والثقافية والاجتماعية والدينية إضافة إلى أنشطة الخدمة العامة التي يمارسها أعضاء الفريق ، ولا تقتصر عضوية الفريق على الشباب ، بل هنالك العديد من هم تخطوا هذه المرحلة ولكن حباً لهذه الأنشطة مازالوا مستمرين في ممارساتها ، ينظم الفريق العديد من الرحلات على مدار العام ، منها الرحلات الترفيهية والتعلمية لأعضائه وتشمل كافات الفئات العمرية من منتسبي الفريق ، كما يقيم الفريق أيضا الاحتفاليات المختلفة ولجميع المناسبات دينية كانت أو وطنية ، سواء كان ذلك على مسرح الفريق أو في مجلس سيفم حسب نوعية المناسبة التي تقام لها هذه الاحتفالية ، كما وأن الفريق لاينسى جهد أبنائه حيث يتم سنويا تكريم أعضاء الفريق البارزين والمساهمين والمتميزين في كافة الأنشطة ، كما يكرم الفريق أعضاءه القدامى من المؤسسين له في مطلع السبعينيات من القرن الماضي .
يقيم الفريق العديد من الدورات الرياضية وويشارك في الدورات الأخرى سواء تلك التي تكون على مستوى النادي أو التي تنظمها الفرق الأخرى بالنادي ، كما ينظم أيضا المسابقات الثقافية والمحاضرات وغيرها التي تفيد شريحة كبيرة من أبناء المجتمع .


                                                         *************

تلك كانت بعضا من الملامح التاريخية والحضارية والاجتماعية لــــ : سيفم بولاية بُـهلاء والتي تسنى لنا أن نعرفها ونوردها هنا ، وربما يكون ما لم يتسنى لنا معرفته أكثر من ذلك بكثير نظرا لقله المصادر المعرفية وعدم وجود توثيق مسبق لمثل هذه الجوانب الحياتية والتاريخية ، لا سيما خلال الفترات المنصرمة من الحياة .

السبت، 5 ديسمبر 2009

ســيـفـم 5

* الحرف والصناعات :.


يمارس أهالي سيفم قديما صناعات حرفية قديمة كصناعة الطبول والصاروج والجص والصناعات السعفية المختلفة بأنواعها كــ : الشت والظرف " ويسمى بالجراب بعد وضع التمر فيه وكنزه " ، والمخرف والقفير، ومرافع القرآن الكريم التي تصنع من سعف النخيل ، وحرفة حضي الحبال ، وحرفة الجذاعة وهي عبارة عن تقطيع جذوع النخيل تستخدم لتسقيف المنازل القديمة والمساجد ، كما يمارس الأهالي حرفة الحدادة ، والزاجرة ، والزاجرة هي الوسيلة التقليدية المستخدمة في استخراج المياه من الآبار .

* آثارها التاريخية :.

تضم سيفم مجموعة كبيرة من الآثار التاريخية كالأبراج ، والقلاع ، والبيوت الأثرية المختلفة ومن أهم الأبراج : " برج غياض " بالقرب من أم الفلج ويقع في الجهة الشمالية الغربية من البلاد ، وبرج السيب والذي يقع في السيب ، وبرج السح ويقع في السيب أيضا ، كما تضم سيفم قلعة المدري والتي اندثرت ولم يبقى منها شيئا إلا آثار موقعها وكانت تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من البلاد بعد مقطع وادي سيفم ، وقلعة المدرسة والتي ما يزال شيئا منها باقيا حتى يومنا هذا .

كما توجد هناك العديد من الأبراج الحربية ويسمى الواحد منها محليا بـــ : " السيبة " ومن أشهرها " سيبة الخليفية "، و " سيبة المدرسة " ، و" سيبة الجامع " والتي كانت تقام عن طريق بنائها من جذوع النخيل ،و سيبة السوقمة "

* الأفلاج :.
تضم سيفم فلجين أثنين أحداهما وهو الأشهر بينهما والباقي حتى الآن فلج " بوغيضة " ، ويروي البلد بالاشتراك مع قرية العقير حسب الطريقة المتعارف عليها بين الأهالي في تقسيم المياه والوحدات الزمنية المستخدمة في مختلف أنحاء السلطنة وهي : الأثر : وهو نصف ساعة ، ونصف أثر : ربع ساعة ، والبادة : 12 ساعة " 24 أثر ، ونصف البادة : 6 ساعات ، والربعة : سبع دقائق ونصف .

وكان هنالك فلجا قديما يروي منطقة السيب الزراعية و يسمى فلج " قـــبـــيل " ولكن لم يبقى منه سوى ساقيته الآن فقط ، وأخذ اسمه كون هذا الفلج يكون قبيلا للوادي أي يستمد من مياه الوادي .

* وادي سيفم :.

يعتبر وادي سيفم من أشهر أودية ولاية بُهلاء بعد وادي بهلاء ، يصب وادي سيفم من منحدرات مختلفة ابتداء من منحدرات سنت ووادي الأعلى ومنحدرات حرمت والعيشي بولاية الحمراء ويمر على جميع قرى ضفاف الوادي حتى يصل الى قرية المعمور ويلتقي مع وادي بهلاء ويواصلان سيرهما معا .

* آبار الماء :.


تضم سيفم عددا من أبار الماء والمخصصة للشرب وسقي الحيوانات ، وكذلك المخصصة لري المزروعات ، والأبار المخصصة للشرب هي أبار عامة لجميع الأهالي ففي الحارة القديمة توجد بئر ماء قديمة تسمى " طوي الحارة " وكانت تستخدم فيها الطرق التقليدية في استخراج المياه كالدلاء والحبال ، وهنالك أيضا " طوي العارضية " وهي التي يعتمد عليها جميع أهالي سيفم حاليا حيث كان سابقا يستخدم فيها الطرق البدائية أيضا ولكن بعد التطورات الحديثة قام الأهالي بتركيب مضخة عليها وعمل خزان صغير للمياه ويتم توزيع المياه بطريقة تعارفوا عليها ، وبعدها قامت الحكومة الرشيدة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله بإنشاء خزان كبير للمياه وتم إمداد جميع البيوت بشبكة مياه من هذا الخزان ، وقامت الحكومة أيضا بتركيب مضخة يدوية لها ، وبعد ذلك بزمان قامت الحكومة بتركيب مضخة ألية تعمل بالكهرباء أوتوماتيكيا على مدار الساعة حتى تكون المياه متوفرة في كافة الأوقات .


الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

كل عام وأنتم بخير

أحبابي ، أعزائي ، رفاقي وأصدقائي ، كل معارفي .....


كل عام وأنتم بخير ، عيدكم مبارك
أمنياتي لكم بقضاء أوقات طيبة ، ولحظات جميلة مع من تحبون وتتمنون .
أسأل الله تعالى أن يدثركم بثوب الصحة ويزملكم بالسعادة والسرور ..


ودمتم للعيد أعياداً

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

العـــيـد




بات العيد قريباً .. قاب قوس أو أدنى من ذلك ،، يومان تفصلنا عنه ، وبعدها تلوح لنا أضواءه في الأفق ، فكل عام عام وأنتم بكل خير ٍ أحبتي ...

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ

هكذا قالها المتنبي وهو يقطع الفيافي سائلاً العيد عما يأتي به ، ورغم اختلاف المعنى المقصود من قصيدة المتنبي التي هي في الأساس جاءت هجاء لكافور الأخشيدي ، إلا أن النظرة التفاؤلية واضحة في ما تضمنه عجز البيت في جزءه الأخير " فيك تجديد " فظهر التفاؤل الإيجابي في القصيدة .

المتنبي شاعرٌ حاضر في كل الأوقات يطربني كثيراً واستلذُ بشعره فقد أضاف للعصر العباسي روعة بروعة أدبه ورونقاً بجمال لفظه وحسن تعبيره ، حيث ما يلحظه القاري بأنه أجمع في شعره كل ما يمثل حياته المضطربة ، فتجد فيه ما يبين طموحه وعلمه ، وعقله وشجاعته ، وسخطه ورضاه ، وحرصه على المال ، كما تتجلى القوة في معانيه ، وأخيلته ، وألفاظه ، وعباراته وبذلك يكون المتنبي من عظماء شعراء عصره ، وهذا على أقل تقدير من وجهة نظري الشخصية .

يبدو أنني قد خرجتُ عن الموضوع " العيد" ولكن ما أخرجني عنه هو المتنبي بشعره وأدبه ، ما أردتُ أن أطرحه هنا هو فرحة العيد ، فالمتتبع لأيام العيد وأفراحه المصاحبة له يرى جلياً بأنه قد بدأت تفقد بريقها تدريجياً حيث كانت فرحة العيد تسبقه بأيام أو أسابيع فتجد الصغير قبل الكبير يجهز ويحضر ويعد العدة ويتباهى بما اشترى ويعدد ما سيشتري لعيده ، وتجده بذلك في قمة السعادة وغاية السرور .

وقد عشنا ذلك جميعاً ولو رجعنا بذكرياتنا للوراء قليلا فسندرك تلك الايام التي مرت من حياتنا ،سندرك حلاوتها التي نفتقدها الآن بين أطفال اليوم وبين الكبار أيضاً .فياترى بماذ سيأتي هذا العيد .
عيدنا المنصرم قضيناه بين فوبيا H1N1 ولا تصافح ولا تعانق فلم يجد طعم العيد مذاقا بين الناس ولم تجد تلك الحلاوة من يتذوقها فبأصبح الجميع في ذاك اليوم منزوين في بيوتهم أو خلف جدران الأسوار ، فالوقاية خير من العلاج .
لقد اغتال H1N1 فرحة الكثير من الناس وخصوصاً الأطفال الذين كانوا يعولون على العيد أن يجدوا فيه متنفسهم فما اعتادوا على هكذا عيد ولكن هل ستكون الأعياد القادمة استمراراً لمسلسل عيدنا السابق .

عيدٌ سعيد ووقاكم الله شر البلاء والوباء

الاثنين، 23 نوفمبر 2009

سيفم 4

* آثارها التاريخية :.

تضم سيفم مجموعة كبيرة من الآثار التاريخية كالأبراج ، والقلاع ، والبيوت الأثرية المختلفة ومن أهم الأبراج : " برج غياض " بالقرب من أم الفلج ويقع في الجهة الشمالية الغربية من البلاد ، وبرج السيب والذي يقع في السيب ، وبرج السح ويقع في السيب أيضا ، كما تضم سيفم قلعة المدري والتي اندثرت ولم يبقى منها شيئا إلا آثار موقعها وكانت تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من البلاد بعد مقطع وادي سيفم ، وقلعة المدرسة والتي ما يزال شيئا منها باقيا حتى يومنا هذا .
كما توجد هناك العديد من الأبراج الحربية ويسمى الواحد منها محليا بـــ : " السيبة " ومن أشهرها " سيبة الخليفية "، و " سيبة المدرسة " ، و" سيبة الجامع " والتي كانت تقام عن طريق بنائها من جذوع النخيل ،و سيبة السوقمة "


* الأفلاج :.

تضم سيفم فلجين أثنين أحداهما وهو الأشهر بينهما والباقي حتى الآن فلج " بوغيضة " ، ويروي البلد بالاشتراك مع قرية العقير حسب الطريقة المتعارف عليها بين الأهالي في تقسيم المياه والوحدات الزمنية المستخدمة في مختلف أنحاء السلطنة وهي : الأثر : وهو نصف ساعة ، ونصف أثر : ربع ساعة ، والبادة : 12 ساعة " 24 أثر ، ونصف البادة : 6 ساعات ، والربعة : سبع دقائق ونصف .
وكان هنالك فلجا قديما يروي منطقة السيب الزراعية و يسمى فلج " قـــبـــيل " ولكن لم يبقى منه سوى ساقيته الآن فقط ، وأخذ اسمه كون هذا الفلج يكون قبيلا للوادي أي يستمد من مياه الوادي .

* وادي سيفم :.

يعتبر وادي سيفم من أشهر أودية ولاية بُهلاء بعد وادي بهلاء ، يصب وادي سيفم من منحدرات مختلفة ابتداء من منحدرات سنت ووادي الأعلى ومنحدرات حرمت والعيشي بولاية الحمراء ويمر على جميع قرى ضفاف الوادي حتى يصل الى قرية المعمور ويلتقي مع وادي بهلاء ويواصلان سيرهما معا .

* آبار الماء :.


تضم سيفم عددا من أبار الماء والمخصصة للشرب وسقي الحيوانات ، وكذلك المخصصة لري المزروعات ، والأبار المخصصة للشرب هي أبار عامة لجميع الأهالي ففي الحارة القديمة توجد بئر ماء قديمة تسمى " طوي الحارة " وكانت تستخدم فيها الطرق التقليدية في استخراج المياه كالدلاء والحبال ، وهنالك أيضا " طوي العارضية " وهي التي يعتمد عليها جميع أهالي سيفم حاليا حيث كان سابقا يستخدم فيها الطرق البدائية أيضا ولكن بعد التطورات الحديثة قام الأهالي بتركيب مضخة عليها وعمل خزان صغير للمياه ويتم توزيع المياه بطريقة تعارفوا عليها ، وبعدها قامت الحكومة الرشيدة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله بإنشاء خزان كبير للمياه وتم إمداد جميع البيوت بشبكة مياه من هذا الخزان ، وقامت الحكومة أيضا بتركيب مضخة يدوية لها ، وبعد ذلك بزمان قامت الحكومة بتركيب مضخة ألية تعمل بالكهرباء أوتوماتيكيا على مدار الساعة حتى تكون المياه متوفرة في كافة الأوقات .


يتبع >>>


الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

من أصداء نوفمبر المجيد

من أصداء نوفمبر المجيد
إنه لعظيم فخر واعتزاز كبير أن نعايش هذا اليوم المجيد من أيام عُمان الماجدة ، ونحتفي سويا بعيدنا الوطني التاسع والثلاثين المجيد لمسيرة النهضة المباركة بقيادة مولانا باني عُمان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه .
إن الثامن عشر من نوفمبر يوماُ فريداً من أيام عمان المعاصرة ، يومٌ تتوج بقابوس الخير ، يوم كان لعمان فيه استشراف لمستقبل مشرق يخرجها مما كانت عليه إلى ما ستصير إليه كان هذا اليوم في الثامن عشر من نوفمبر 1940 م ، يوم بزغ فيه قبس من نور فصار قابوس الهمام .
انه لمن حق كل عُماني وفيِّ لوطنه سواء كان يعيش في ثرى هذا الوطن المعطاء أو فرض الواجب عليه أن يكون في خارج البلاد أن يحتفل بعمان الحديثة ودولتها العصرية ، انها شهادة ميلادٍ واحدة تلك التي حررت لمقدم جلالته الميمون ولنهضة عُمان الحديثة ، الإنسان والمكان والزمان أيضاً .
تسعة وثلاثون عاما كانت بديعة العطاء ، كثيرة الإنجاز عظيمة الوعد الوفاء تسعة وثلاثون عاما جسدت مسيرة قائد عظيم أبى إلا أن يبني عُمان بأيادي عُمانية ، أبى إلا أن يبني العمانيون مستقبلهم يحطمون المستحيل ويذيبون الحدود ويلغون الصعاب ، شعب عمان المجيد مكافح لأجل أن تبني عُمان مستقبلها شعبٌ تذوق مرار الصبر ولعق المر في سنوات عديدة وقد حق له الآن أن يعيش في رفاهية وراحة في سعادة وسرور ، يعيش ونفسه مطمئنة بأن عُمان اليوم ليست عُمان الأمس ، عُمان اليوم تمثل ملحمة قائد وشعب ، مسيرة سلطان وسلطنة ، مسيرة عهدٍ ووفاء ، مسيرة وعدٍ وانجاز .
لقد استقرت مزن المحبة على سماء عُمان فأمطرت غيثاً مغيثاً نافعاً غير ضار على عُمان الماجدة وأهلها الأماجد ، إنه ( قابوس الهُـمـام ) قابوس الذي فجر النهضة وأزاح غياهب الظلام ، قابوس الذي أرسى دعائم حضارة جديدة وأبعد عن عُمان وأهلها ما رزحت تحت وطأته من ظلم وأسى ، قابوس الذي عاهد نفسه أمام شعبه بأنه سيعمل ويعمل من أجل من ؟ من أجل هذا الشعب الأبي وعُمان المعطاء ليخرج بهم من قيود العزلة وأصفاد الإنغلاق الحضاري إلى رحابة الحياة وسعة الفكر العماني والعالمي ، قابوس الذي وعد فأوفى وقال ففعل ، قابوس الذي تلهج ألسنة العمانيين من أقصى عُمان إلى أقصاها بالدعاء له أناء الليل وأطراف النهار ، قابوس الذي تحتضنه منا القلوب والمهج وتفديه منا الأرواح والأبدان ، قابوس الذي جعلنا نعيش في واقع آخر ونبتهج بعُمان وقائدها ونفاخر به كل الشعوب ، قابوس الذي جعلنا نمضي في هذه الأرض رافعي الهامة مشروحي الصدر والخاطر ، قابوس الذي جعل كل شعوب العالم تنظر إلى عُمان وأهلها نظرة احترام وتقدير ، نظرة غبطة وإعجاب وربما كانت نظرة حسد لما تحقق على هذه الأرض الطيبة المباركة في غضون سنوات معدودة لم تصل فيها الكثير من الدول قبلنا إلى ما وصلنا إليه.فهنيئا لنا قابوس وهنيئا لنا عُمان ..

لقد عاشت بلادنا الحبيبة عُمان في وحدة وطنية رائعة تجسدت بين القائد وشعبه لتعطي دليلاً واضحا وصادقاً على مدى حب الشعب لهذا القائد العظيم واعترافا بما بذله جلالته - حفظه الله ورعاه - من جهد كبير وتفكيرعظيم وصبر بالغ لعبور العديد من العقبات الداخلية والخارجية وذلك يدل على تيقن جلالته حفظه الله ورعاه بإن الأمور لا تأتي بين يوم وليلة وأن النجاح لابد أن تصاحبه صعاب وأن الحلو لن يكون حلواً ما لم نتذوق المر في سبيل الوصول اليه حتى نعرف مدى حلاوته. لقد كان جلالته موقناً بما لا يدع مجالاً للشك إن بناء دولة عصرية من الصفر هي عملية صعبة ومعقدة وتحتاج الى إرادة سياسية وقيادة واعية حتى يمكن للحلم ان يتحقق وأن يصبح المستحيل ممكنا والصعب سهلاً ، وبتوفيق من الله فقد وجد جلالته الإرادة العظيمة في نفوس هذا الشعب الأبي كما وجد الشعب السياسة الحكيمة والإرادة الواعية المدروسة عند القائد العظيم لتتظافر جهود القيادة مع جهود الشعب وتتكامل الارادة القوية مع العزيمة والصبر وحب عُمان لتشهد الأجيال بعد تسعة وثلاثين عاماً ماذا حدث لوطنهم من تحديث وتطوير في كل مناحي الحياة لم تشهدة دولٌ أخرى في قرن من الزمان.
إن سلاح الإرادة القوية الذي يتمتع به قائد البلاد المفدى وحكمته الرشيدة وطموح الشعب العماني لم يجعل للتخاذل عن أداء الواجب مجالاً للتسلل داخل النفس العمانية المؤمنة بحب وطنها الحريصة على رقيه وازدهاره ، فقد عمل الإنسان العماني في كافة المجالات ومارس مختلف المهن بداء من أصغرها ووصولا لأكبرها متدرجاً بين العديد منها ليرتقي في النهاية سلم المجد الذي ينشده ، لم يتهاون ولم يترفع ولم يجعل من نفسه إنساناً فارهاً وترفع عن أداء واجبه ، اقتحم الصعاب وكافة مجالات العمل ليكشط عرق جبينه فرحاً بما أنجزه سعيداً بلقمة عيشه التي وفرها من كده وتعبه لبناء عُمان ، جاعلاً نصب عينيه ( فلنكدح من أجل عُمان ) ، نعم نكدح من أجل عُمان ، التي ما فتئت تخرج الأجيال المثابرة الساعية الى لقمة عيشها ، الراغبة في ازدهارها بسواعد أبنائها الأوفياء ، وكم كنا لخطب جلالته السامية ومقولاته الخالدة دوراً كبيراً في شحذ الهمم وتقوية العزيمة فكم كان يحث جلالته الشعب على المثابرة والمواضبة على العمل نابذاً الترفع والتأفف من ممارسة الأعمال مهما كانت صغيرة ، وكم من نماذج ناجحة للعمل المخلص والصادق تزدهي بها عُمان الغالية بفضل توجيهات جلالته الحكيمة ، ولن أنسى ما قاله جلالته في حديثه لجريدة السياسة الكويتية والذي أشار فيه بأننا في عمان { لا نعطي المواطن سمكاً بل نعلمه كيف يصطاد ليوفر لقمة العيش له } ، وهذا يتضح جلياً في ما تشهده السلطنة وبشكل دائم من توقيع اتفاقيات لتدريب الشباب على العمل في المجالات المختلفة كالحدادة واللحام والنجارة والإنشاءات وغيرها من المجالات المهنية والفنية التي باتت مهمة جداً وأصبح الشباب يتقنها بشكل جيد ليشكلون عملة ماهرة كل في مجالة ، في حين أن الكثير من الدول المجاورة تعتمد على العمالة الوافدة في ممارسة هذه الأعمال بينما قطعت عماننا الحبيبة شوطاً كبيراً في تعمين هذه المهن وإحلال الكوادر الوطنية العُمانية المؤهلة والمدربة لتأخذ دورها وتسهم بطريقتها في مضمار التنمية وبناء الوطن والشواهد في ذلك كثيرة جدا ولا مجال لإحصائها وعدها ، ولكن الحضور الشبابي في مختلف المهن والمجالات خير شاهد على ذلك ، هذا هو الفكر القابوسي الحكيم الذي نفخر به ونفاخر من حولنا ، ونحمد الله أن وهب لنا قائداً حكيماً وسيداً مجيداً .
لقد أرسى جلالته حفظه الله ورعاه دعائم الشورى مقتديا بكتاب الله وهدي نبيه الكريم وقد قال جلالته في حديث أكثر ما يوصف بأنه فريد من نوعه في لقائه بأبنائه طلاب جامعة السلطان قابوس { نحن نشاور ولكن إذا عزمنا نتوكل } ، نعم هي المشورة التي أوصى بها ديننا الحنيف حيث جاء الأمر الرباني { وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله }، إنه الأمر الذي سار على هديه المجتمع العُماني على تعاقب مراحله التاريخية واختلاف قياداته السابقة ، انه نهج يعبر في تطوره المتدرج والمتواصل، وفي ارتباطه بخصوصية المجتمع العماني وتقاليده الاصيلة من ناحية، واستجابته لاحتياجات التطور والتحديث التي حققها وتحققها مسيرة النهضة العمانية الحديثة من ناحية ثانية، وهو وبلا شك مثالاً حياً وواضحا عن مدى اهتمام جلالته حفظه الله ورعاه بذلك جاعلاً نصب عينيه ( ما خاب من استشار ) . وأتت مسيرة الشورى أكلها الطيبة حيث تمكنت الدولة من اشراك المواطن في صياغة وتوجيه وتحقيق خطط التنمية المختلفة ، لأنه في الأساس هو هدف التنمية وغايتها .
انها نهضة مجيدة وقد صدق الشاعر حين وصفها بكلمة ( جبارة ) ، نهضة أستطاعت أن تجبر كل شيء لتسخره في سبيل الماجدة عُمان ، نهضة غيرت مسار التاريخ في عُمان وأفردت لها مرتبة متقدمة وموقعا مميزا على الساحة الدولية ، نهضة نقلت المواطن العماني من عصر منسي غابر الى آخر مشرق بتجلياته ومكارمه وإنجازاته وهو يوم سجله التاريخ فارتسم في القلوب وحفظته الذاكرة العمانية ، وأجبرت الذاكرة العالمية أن تحفظه وتدونه في كتبها ومدوناتها وتفرد له في سجلات يومياته مكاناً فريداً ليعلم به كل باحث عن قصص الكفاح من أجل الوطن ، كل باحثٍ عن معنى الولاء ، كل باحثٍ عن معنى التضحية والوفاء لأجل أرض نشأ فيها وترعرع بها ذاق خيراتها وعاش في نعيمها ، ليرد لها بعد ذلك الخير أضعافا ويعمل كادحاً ليل نهار ( من أجل عُمان ) .
حقيقة أنني أفخر كثيراً بأن الله سبحانه وتعالى خلقني { عُمانياً } ولكم تمنى الكثير أن يكونوا عُمانيون ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، لكم قرأنا من إشادات عظيمة بهذه البلاد الطيبة وسلطانها الهمام ، لكم طالعنا في الصحف كيف هم يصفون عُمان ويضربون بها الأمثلة الرائعة في العمل والتضحية ، لكم تغنى الشعراء بحب هذا القائد العظيم والوطن المجيد تغنوا به عرباً وعجما ، وكم من كتب كُتبت عن عمان وعن قائدها وأقرب مثال عن ذلك ( قابوس بن سعيد مصلح على العرش ) ، وبالتأكيد فإن هذا الكاتب لم يقدم على كتابة هذا الكتاب لولا أن رأى أن شخصية مولاي صاحب الجلالة السلطان المعظم شخصية تستحق أن توثق تاريخيا ، شخصية تستحق أن يعرف العالم عنها ويتعلمها وما ترجمة هذا الكتاب للغات عديدة إلا شاهد بذلك ، فهنيئاً لنا قابوس وهنيئا لنا عُمان .
انه وعلى امتداد تسعٍ وثلاثين سنة من عمر النهضة العُمانية المباركة شهدت بلادنا الحبيبة طفرة تنموية وثورة اقتصادية شملت كافة القطاعات والمجالات الاقتصادية بما نتج من مشاريع اقتصادية عملاقة ، وقد وفر لهذه التنمية ازدهارها المتسارع اهتمام جلالة السلطان المعظم بها باعتبارها من أهم أعمدة النهضة العمانية الشاملة فلا رقي بدون اقتصاد قوي ، ولا مشاريع ناجحة بدون قرار سليم مدروس جيداً وممحص من كافة الجوانب لأن نتائجه وبلا شك ستنعكس على هذا الوطن ، والمواطن هو من سيجني خيره .
لقد شهدت السنوات المجيدة من عمر النهضة العمانية نقطة انطلاقة جديدة للتاريخ العماني المعاصر مستمداً انطلاقته من المكتسبات الحضارية العمانية والركائز الأساسية للتاريخ العماني المجيد الذي عاشه العمانيون في عقود دهرهم الماضي ، كما يمكن أن نعتبره قنطرة عبور نحو المستقبل الذي هو بلا شك مستقبلا زاهرا يسبقه الحاضر العظيم الذي تعيشه الأجيال العمانية الآن والذي تتوج تتوج بالعديد من المنجزات العملاقة على أرض الوطن ، مستقبل طالما حلم به من سبقنا من العمانيين الأوفياء وجعلوه نصب أعينهم هدفا يسعون إلى تحقيقه ، حلم راودهم سنين طوال رأوه في منامات كثيرة وشاءت قدرته عز وجل أن تشرق على عُمان وأهلها شمس جديدة وبفكر جديد في عام 1970 م معلنة بأنه آن الأوان لتحقيق حلم طال انتظاره ، فدوى الصوت عاليا " أيها الشعب .. إني سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل " أنه وعد قطعه مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم _ حفظه الله ورعاه _ على نفسه من أول يوم تولى فيه زمام أمورنا في هذا الوطن الغالي ، وعد فأوفى وقال فأنجز، وها هي الإنجازات تغطي كل شبر من أرض عمان الطيبة ، وتتواصل مسيرة النهضة العمانية الرائدة عاما بعد عام يقودها بحزم وبصيرة وبرؤيا ثاقبة وبحكمة يفتقر إليها الكثير حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه ـ الذي لا يألوا جهدا في سبيل تكريس حياته من أجل النهوض بعمان وتحقيق الحياة الكريمة لأبنائها في الحاضر والمستقبل والانتقال إلى حيث تستطيع عمان وطنا ومواطنا مواكبة كل التطورات والأحداث العالمية والمستجدات الراهنة على الساحة المحلية والدولية من حولها والتفاعل الايجابي معها .
إن الحديث عن النهضة العمانية الشاملة لا تحصيه الألسنة ولا المجلدات ، والكتابة عن عُمان ماضياً وحاضراً ومستقبلاً لا تنتهي ولن تنتهي عند حدٍ معين فالمقام أكبر من المقال والانجاز أعظم من أن تلهج به الألسنة وتبدع فيه الخواطر أو تنظم فيه القصائد ، والنهضة العُمانية كشمسٍ زاهرة لا يمكن أن تحجب بكف ، إن عُماننا الحبيبة وهي ترتقي سلم المعالي وتبني مستقبلها فهي تمضي من نجاح إلى نجاح ومن انجاز الى آخر أكبر منه وأعظم ، فهنيئاً لنا حكمة قابوسنا العظيم وعزيمته القوية واصراره على أن يخرج بعمان من الضائقة إلى السعة ومن الظلام الى النور ومن ضنك العيش إلى سعته ونعيمه ، وهنيئا لنا عمان بأهلها الأشاوس ، شبانها الأماجد وأطفال مستقبلها الباسم ، ولنمضي بعمان وتمضي بنا تحت لواء القائد الحكيم نُـعَـمِّر كل شبر فيها وننجز كل منجز بعزيمة القائد في صف واحد لأجل عمان ومستقبل أبنائها والأجيال القادمة .
ختاماً بهذه المناسبة العزيزة في نفوس العمانيين الفياضة بالحب والوفاء والاخلاص ، أرفع إلى المقام السامي لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه أسمى أيات التهاني والتبريكات بمناسبة العيد الوطني التاسع والثلاثين المجيد مقرونة بالدعاء لجلالته المعظم بكل خير وكل عام وقلوبنا عامرة بحب جلالته وكل عام وعمان الوطن والمواطن ترفل في نعمة الخير والأمن والسلام .. كل عام وقابوس بعمان وعمان بقابوس ، كل عام وجلالته ينعم بموفور الصحة والسلامة ، ووفق الله جلالته لما يحبه ويرضاه وكلاءه بعنايته وحرسه بعينه التي لا تنام .



أحمد الشكيلي

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

سيفم 3

* الموروثات التقليدية :.

تعتبر سيفم كغيرها من قرى ولايات السلطنة المختلفة تحتضن العديد من الموروثات التقليدية ضمن فنونها الشعبية الجميلة ، فمن أشهر الفنون الشعبية الرزحة ويؤدى هذا الفن في معظم مناطق السلطنة وهو عبارة عن صفين متقابلين ، يتوسطهما مجموعة من قارعي الطبول والمتبارزين بالسيوف ، يعتمد هذا الفن على الشعر حيث يكون على شكل سجال شعري بين الصفين ، ولا يزال هذا الفن يمارس إلى يومنا هذا لا سيما في المناسبات الوطنية والمناسبات الإجتماعية المختلفة كحفلات الزواج وغيرها .
كذلك فإن أهالي قرية سيفم يمارسون فن العازي إلى جانب الفنون الأخرى وهو فن غني عن التعريف تشتهر به معظم مناطق السلطنة ويشتهر أكثر في المنطقة الداخلية ومن أشهر مؤدي فن العازي بـــسيفم : سليم بن سليمان الشكيلي رحمه الله ، حيث كان المذكور من أكثر الناس اهتماما بهذا الفن وحرصا عليه في البلد وقد توفي في العقد الأخير .
وهنالك فن المبارزة بالسيف ، حيث يعتمد هذا الفن على المهارة والخبرة لواسعة ، وحسن التصرف والبديهة في استخدام السيف ، حيث يكون المتبارزين بالسيف وكأنهما في نزال حربي ، يستعرضون مهاراتهم وفنون السيف المختلفة ، ويبدأ الواحد في ملاقة الثاني حتى يفرق بينهم شخص آخر ، ويسود المبارزة جو جميل من الشغف والانتباه والحذر أيضا .
ومن الفنون النسائية فن الويلية والتي تؤديه النساء إما على شكل صفين متقابلين أو على شكل دائري ، وهو فن جميل له أبياته الشعرية الخاصة به والتي تطرب السامع وتقال بأسلوب جميل وشيِّـق ، كذلك تمارس النساء فن " الـــتعويب " حسبما يطلق عليه ، وهو عبارة عن أبيات شعرية جميلة تؤدى بأسلوب جميل وصوت شجي يجذب انتباه السامع ، ويؤدى لأغراض مختلفة كالندب " في حالة وفاة شخص عزيز على المرأة كوالدها أو أمها أو أخيها أو أحد أبنائها " وتعدد المرأة هنا مناقب هذا الشخص بأسلوب رائع ومحزن لدرجة البكاء ، وبأسلوب آخر يكون مفرحا في الأفراح وغيرها ، وكذلك عند وضع الطفل الصغير في سريره وكما يطلق عليه محليا " الـــمـــنز " وتظل تردد عليه هذا الفن حتى ينام .
ومن الفنون النسائية التي بدأت تنقرض أو تتناقص شيئا فشيئا " فن المرجحانة " وهو الأغاني التي ترددها الفتيات عندما يقمن بممارسة لعبة المرجحانة ، وكانت المرجحانة تتخذ شكلا تقليديا ، حيث تقوم الفتيات بربط حبل على نخلتين متقابلتين بشكلٍ يجعله يتدلى نحو الأسفل ، وتقوم إحدى الفتيات بالجلوس على هذا الحبل بعد أن يتم تجهيزه وذلك بوضع مكان مخصص للجلوس ، بينما يقمن الأخريات بدفعها نحو الأمام في أسلوب جميل وهن يرددن أبيات شعرية جميلة وعبارات تراثية .
ومن الفنون التي كان يمارسها الأهالي سابقا واندثرت نتيجة تطورالعصر" فن الدوس ، فنون الحصاد والتصييف " كما يسميها الأهالي ، وهي عبارة عن فنون يقوم الأهالي بترديدها أثناء قيامهم بجمع المحصول واستخراج البذور منه، وهذه الفنون تمارس غالبا أثناء القيام بأعمال الزراعة ، بينما توجد هناك فنون تراثية أخرى يمارسها كل صانع حرفة أثناء قيامه بأداء عمله ، كما يمارس الأهالي قديما وهم في تنقلهم وترحالهم العديد من الفنون وذلك لتسليتهم في الطريق ، ودفع الملل عنهم .
ومن الفنون الجميلة أيضا التي تمارس في سيفم إن جاز لنا أن نطلق عليه فنا أو ندرجه ضمن قائمة الفنون أو الموروثات التقليدية هو فن " الرفعة " والذي يردده طلاب مدارس تعليم القرآن الكريم بعد انتهاء اليوم الدراسي ، حيث يقوم أحد الطلبة بترديده وهو غالبا ما تكون أبيات شعرية ، مثال على ذلك :.

ذكر الله .. لا إله إلا الله
محمدا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قارين كتاب الله
معلمنا رحمه الله
في ايدينا قلم فضة
نكتب به آيات الله
والمسلم هداه الله
وابليس لعنه الله
لا حوله ولا قوة
الا بالله العلي العظيم
آمـــــــين
قدرة رب العالمين
يا رحمــن يا منان
افتح لنا باب القرآن
يا عظيم جل جلالك
واحنا عبادك لا تنسانا
مولانا ... مولانا
قد سامع دعانا
في أمة محمد
سكنا الجنانا
في دار الشفيعِ
سكان البقيع
قدراه الرفيع
ثم الصلاة على النبي
ثم الصلاة على الرسول
يرحمك الله باه المعلم

***


ذلك كان نموذجا من بعض ما يردده دارسي القرآن الكريم بعد الانتهاء من يومهم الدراسي ، وإضافة إلى ذلك توجد التأمينة " وهو مايؤديه طلاب مدارس القرآن الكريم بقيادة معلمهم بعد أن يختم أحد الدارسين المصحف الشريف ، حيث يقومون بجولة في طرق القرية المختلفة حيث يقرأ المعلم عليهم بعض الأدعية وهم يرددون كلمة " آمــــين " حتى يصلوا إلى بيت الطالب الذي أنعم عليه الله سبحانه وتعالى بختم المصحف الشريف .


يتبع >>>

السبت، 14 نوفمبر 2009

جنة الدنيا


* جنة الدنيا

مساء الخير ، صباح الخير تحية لك من الوجدان
مساء ينعـش أوقاتك وصباح يحمله الطاؤوس
أمسيــــبك وأصبح بك ، ومني تغازلك الأعـــيان
وانتي مثل ما انــــتي تاج ٍ نرفعـه عـــ الروس
غالية متوشــــحة الياقوت ، تأســـــر بني الإنسان
انتي درة الدنيا ، ثمـــــينة ما تـــشترى بفلوس
أهوذي بك واسولف بك ، وأناشــد خالقي الرحمان
يعيش الحب في قلبــي إلى غاية فناء الرووس
أحــــــــبك مقدر أكتــمها ، صراخي يحطم البنيان
ومشــــاعر ثابته فيــني تلغــي رحلة الكابوس
مالك مثــــيل بها الدنـــــيا سوى خـــــــالدات جنان
يتيه الفـكر في شكلك ، يحير بروعة الملبوس
جنة الدنيـــا بلادي ، هواهـــــا يداعب الأوجــــــان
جميلة في روعة التكوين ما تضاهيها عروس
يموت الحرف في وصفك وبالتعبير ما ينطق لسان
يشـــــع النور من أرضك غادة تنور المندوس
حبيــــبة تســــكني فيني ، غلاك بداخـــــلي عنوان
هواك يسـير في دمي وعقلي بسيرتك مهووس
جميلة حــــيل يا أرضي ترســــمك ريشة الـــــفنان
واحس قصور في رسمه ينادي الفن انا متعوس
عجزت ارســــم بلادي ، قدرت أقول أنا هــــــيمان
أهيــــم بحب من فــيها لا يائـــس ولا منحووس
بلادي مضــرب الأمــــثال قوية في نزلة المــــيدان
قوية حـــيل يا بلادي ، سكانــك دروع ترووس
رسمــــتي للزمن خطة ، بنيـــــتي مجــــدك الفــتان
تربعتي عرش هالدنــــــيا ، يزين بطلته قابوس
بلادي من عهد جــــيفر يشــــع بنــــــورها الإيمان
ومازن كسَّـــر الأصنام مكشر للكفر بضـروس
مجــــــدك علم يا بلادي بوصفــــه ما يفــــي ديوان
يظــــل العــــلم يتـــجدد يـــبى لدارســه قاموس
أحبـــــك كلمة ما تكفي ، أعشـــقك ذروة الأدمــــان
راحة بالي في قربك ، شوفك يريح كثير نفوس

أحمد الشكيلي
11/7/2002م

الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

ســـيـــفـم 2


* كيف تصل إلى سيفم ؟


لوصولك إلى سيفم بولاية بُـهلى وكنت قادما من طريق نزوى جبرين المزدوج باتجاه ولاية بُـهلى ، وبعد وصولك لمثلث جبرين تنعطف نحو اليسار وتظل سالكا الطريق الذي يربط ولاية بهلى بولاية عبري نفسه لما يقارب 10 كيلومترات ، بعدها تنعطف نحو اليمين في أول طريق مُعبد بالتحديد مثلث الغافات ويصلك بقرى تابعة للولاية كالعقير والوادي الأعلى والغافات والجيلة وبعضا من قرى ولاية الحمراء كالعيشي وحرمت ، ولمسافة 6 كيلومترات ثم بعد تجاوزك لمركز الغافات الصحي تنعطف نحو اليسارفي ثاني طريق مُعبد مربوط بالشارع .
كما أنه بامكانك مواصلة السير في ذات الشارع دون الانعطاف الى اليسار لمسافة أقل من كيلو متر حتى تصل الى أول مدرسة على الجانب الأيمن من الشارع ( مدرسة الطموح ) وفي المقابل لها الطريق الواصل الى سيفم  تسلكه لمسافة قصيره  بعدها تكون قد وصلت سيفم .

* سبب تسميتها بسيفم :.
يروي كبار السن من أهالي سيفم بأن أسم " سـيـفــم " هو اسم أُشـــتق من اسمين مركبين كانا يطلقان على البلد قديما وهما " ســيـفـيـن دم " ، وبعدها دمجت هذين الأسمين في أسم مختصر أخذ من الكلمتين السابقتين .
ولا يذكر أحدهم متى تم تغيير الإسم بالتحديد إلى الإسم الحالي ، ولكنهم تناقلوا هذه المعلومة عن أبائهم وأجدادهم تباعا حتى وصل إلينا اسم سيفم هكذا .والعلم عند الله ...

يتبع >>>


الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

* غــادة الحـسن



غابت الأفــكار عني وارجعت لي بالجديد
بعد مدة من هجرها عادت حروف القصيدة
عادت تسابق خطاها تنتــظم فاحلى قصيد
أبهجتها واطربتها في الحسن غادة فريـدة
غادةٍ ابحــسنها كل مخـــلوقٍ يــشيد
يأسر الناضر حسنها وتنقلب حاله سعيـدة
بنت يا محلى وجهها .. نور ياضـي من بعيد
انهبت مـ الراس عقلي وأسأل الله لي يعيده
انهبت بعضي وكلي وكبـلتني بدون قـــيد
واغرست فيني محبة كل مشاعرها أكيــدة
وقمت أهوذي وعاتبوني .. نحيد بك قلب عنيد
من اسمها اللي خذته ؟ يمكن نروح ونعيــده
قلت أوله ( عينٍ ) جميله دوم ينصـاها القصـيد
والحسن في العين ميزة حتى لو كانت شديدة
وبعدها ( ميمٍ ) تـبدَّت كنها درٍ نــــضـيد
ويا حلاة الدر فيها يبرز الحسن ويــزيـده
و( الألف ) واقـف بعدها حارسٍ سيفه شــديد
والسيف عنوان الشجاع ما يفارق دوم أيــده
و( النون ) نــــورٍ كل يوم بها يــــزيد
ومن يهبه النور ربي يخصه بنعمة فــريدة
القصـــد واضح تبين موطني ( عمان ) المجيد
مــوطنٍ بالمجــد يفخر سيرته دايم حــميدة
من شذاه المجـــد كله فاح لأقصى البـــعيد
وعمت عطور المحبة للوطن في يوم عــيده
عيد قابوس المعظَّـم يا عـــساه دايم سعــيد
سلطاننا والكل يفخر قايد النهضة المجــيدة
مفجِّـر الطاقات فينا باعث المـــجد التلـــيد
مرسي أركـان الحضارة والشواهد مستزيدة
في عهد قابوس نجني ثــمرة الوعد الأكيــد
والشعب من غيض فيضه حصَّل أحلى ما يفيده
عمت النهضة وطنا كـل حضــر وكل بيـد
والحضارة في تزايد تقطع اليأس وتـــبيده
من فكر قابوس نمـضي نأخذ العزم الأكــيد
ونتسلح بالثقافة .. والتـــخاذل ما نحـيده
عاهد وأوفى مقاله وعشنا في حاضر سعـيـد
وبفضل تخطيط نـيِّـر تحقق النا اللي نريده
العلم اضحى شعاع ونور كـسَّـر كل قــيد
والتنمية عمت بلادي بتوجيه أفكـاره السديدة
والأَمِـنْ في ربوع داري كل واحــد به يشيد
مستمتعة بالأمن داري توفِّـره قوة عتــيدة
إيه تيهي يا الغبيرا ورددي أحـــلى نــشيد
واعتلي أعلى مكانة والبسي حلة جــديـدة
وانت افخر يا العُماني فكل يوم تعيـــش عيد
وما كل مخلوقٍ فـأرضه يعرف الفخر ويجيده
خصّك الله من نعيمه وأعطاك قابوس المــزيد
ومـن لهج بالشكر قلــبه الوكاد ربي يزيده
لك نزِّف أحلى التهاني فليلة العيـــــــــد المــــجيد
منزلك في القلب غالي راسخـة قصورٍ مشيدة
سيدي السلطان جينا نجاوز حدود البـعيـــد
نقدم الطاعة لألله والولاء لأجلك نزيــــده
لا تأمر بــس أشــر تلقى منا ما تــريـد
أرواحنا تفدى مقامك وكل منا يفدى سيــــده
نـفدى قابوس المعظم نجل أحمد بن سعـــيد
القـايد الشهم المفدى يا عسى حــاله سعيدة
يا عسى ربي يحفظه .. يمده بـــعمرٍ مـديد
ويحفـظ عُمان الأصالة والحـياة فيها رغيدة

* أحـمد  الشكيلي

17 نوفـــــمــبر 2005 م


الاثنين، 2 نوفمبر 2009

ســيــفــم 1

سيفم ... إحدى أشهر قرى ولاية بُــهلى التاريخية وأقدمها ، تقع في الجهة الغربية من الولاية ، أي خارج نطاق مركز الولاية ، يحدها من جهة الشمال قرية الغافات ومن الغرب جبل الكور ، وتشترك في الحدود الجنوبية مع قرية العقير بينما يحدها شرقا وادي سيفم الذي يفصل بين القرية الأم " سيفم " وإحدى ضواحيها في جهة الشرق المسماة بالسيب .

تبعد عن مركز الولاية ما يقارب 25 كيلوا مترا تقريبا ،يتوزع سكانها على حلل وحواري صغيرة ومتفرقة كــ : العابية ويَطْلِق عليها بعضهم العارضية ، والسفالة ، واللثيلة ، وغاف سديد والسيب وغيرها .
والعابية هي : المكان المخصص للزراعة والذي كان الأهالي يزرعون فيه بعضا من المحاصيل الزراعية ، ومن ثم تحولت بعد ذلك إلى موقع سكني جمع العديد من المنازل لأهالي البلد ، وسُميت العارضية بهذا الإسم نسبة إلى بئر ماء يطلق عليها " طوي العارضية "
يشتغل معظم أهاليها في الزراعة ، كما يعمل الكثير منهم في الوظائف الحكومية بأجهزة الدولة المختلفة سواء في العاصمة مسقط أو الوحدات الإدارية المختلفة والمنتشرة في مناطق السلطنة ، ومنهم من يعمل بالقطاع الخاص وفي مناطق مختلفة من السلطنة أيضا .
                                                                                     يتبع .... >>>

رسايل

رسايل

ما أبي كثر الرسايل ولا أبي شوف الصور
ولا أبي كلمة أحبك ولا أبي حتى السلام
يوم أشوفك كن جسمي يــنلـــحد وسط القـبـر
أبعدي طيف وجهك وتراجعي باحـــترام
حـيث أني صـامــدٍ مـا أنــتـقي غير الـــــدرر
وكم وحدة من مثيلك مالها عندي اهتمام
ما يغرك صمتي وطيبتي وتلاويح النــــــظر
كـــم من ســـكوتٍ صــار أبـلغ مــــ الكلام
لا تجــيــبي أمنـيــاتك لا ولا تجــــيبي عـــذر
لان قلبي صار قاسي ما يغيره الكــــلام
ولاني" أحمد " ومتربيــــن على عز وفــخر
وأبوي رباني وعلمـــــــني النــــــــظام
ما تزعزع .. كلمتي وحدة ما تلاقيها عـــــشر
عزيزن رافـــعن راسي وأمشي للأمــام
أقتدي بشرع الله .. وأتبع تعاليم الأثــــــــــــــر
وأمد يـمــيني لــشخصٍ قام بـداني السلام
ومـــن صـــد عــني لا يــظن اني بـــــنقـــــهر
عادي صدوده ، ما أنـــبش في الحــطـام
اســــألي التاريخ عني لا تـــبي عـــــني خـــبر
يسرد أقواله حـــديثن ما تكــفيه أعـــوام
أنا الشكيلي قــــــلتها ويسمعني كـــل البــــشر
قويٍ ، سيفي بيميني وقـــــدامي الحــمام
قدامي أبوي .. له في الـــمرجلــة شأن وأمـر
وقبله جـــدودي عــــاليـــــين المــــقــــام
أبوي علمني الشجاعة ، والحياة كـــرٍ وفـــر
عـــلمـني عـــلـــومٍ مــنهــا خلاني هـمام
وعمري ما أتــــرجى لو وقف ضدي الدهـر
ولي أباه ألقاه كــامل مكــــمل بالـــتــمام

أحمد الشكيلي

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

حين تنفستُ الصعداء :.


حين تنفستُ الصعداء :.


قبل سبعة أيام من اليوم وبالتحديد في يوم 19/10/2009 م كنتُ قدكتبت موضوعاً بعنوان لدغتان من جحر واحد استعرضتُ فيه لدغة ثانية أصبتني جراء فقدي لعصى الذاكرة الخاصة بي flash memory ، وقد تألمتُ كثيراً ذاك الوقت بسبب فقدي لها نظراً لما تحتويه من مواضيع كثيرة هامة بالنسبة لي ،، وطال الانتظار واستمرت عمليات البحث ودون فائدة تذكر .


صباح هذا اليوم وأنا أهم بارتداء ملابسي للذهاب الى العمل فأقوم بإخراج إحدى الدشاديش من الكيس الذي تعودنا أن نأخذه من محلات غسيل وكي الملابس فإذا بضالتي تسقط من بين جنبات الدشداشة ،،، دهشت حقاً لهذا الموقف وفرحتُ في نفس الوقت فإن ما كنت أبحثُ عنه عاد ، وقد فكرتُ كثيراً وبحث في كل مكان توقعت أن أكون قد نسيته فيه ولم يتبادر الى ذهني محل غسيل وكي الملابس .


الشيئ الطريف في الأمر أن هذه المحلات جرت على ترميز الملابس بأرقام أو حروف أو أسماء لسهولة الرجوع اليها وتمييزها ومعرفة كل شخص لملابسه وما شد انتباهي أن عامل المغسلة قد قام بكتابة الرقم الخاص بي على عصى الذاكرة ووضع العصى بين الملابس ربما لكي لا ينسى هو الاخر إعطائي إياها أو خشية أن أذهب لآخذ ملابسي وهو غير موجود ... أٌحيي فيه الأمانة ، وأشكر فيه حسن التصرف .

ودمتم بخير .
26/10/2009م

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

كل عام وأنتي أمرأة عمانية

كل عام وأنتي أمرأة عمانية :.


توصيات ندوة المرأة العُمانية التي عُقدت في رحاب المخيم السلطاني بسيح المكارم بولاية صحار خلال الفترة من السابع عشر وحتى التاسع عشر من اكتوبر 2009م كان لها صدى واسعاً ، واهتماماً بالغاً ، حيث استبشر بها نون النسوة كثيراً وربما زغردت الكثير منهن وتهللت أساريرهن فرحاً بما أكرم به القائد على حواء عُمان .
ربما تسآل الكثير من جمع المذكر السالم عن حاجتنا لمثل هذه الندوة وربما تأفف البعض منهم وزمجر البعض الآخر بتشدد غير مقبول في مثل هذا الوقت ، فكلنا نعلم سوياً وندرك جلياً بأن المرأة العمانية قد نالت حظاً وافراً وخيراً كثيراً من معطيات نهضة البلاد ، وهنا لستُ بصدد تكرار ما قد أعُطي لها ومنحت إياه من حقوق ظلت لفترة طويلة مسلوبة منها ومن نساء المجتمع الاقليمي المحيط بنا ، فقد أصبح هذا شيئاً معلوما للجميع والخوض والإسهاب في ذكره لا يضيف شيئاً، ولكن الحاجة إلى هذه الندوة ربما ليتطلع المشككون على ما هية الأدوار التي تضطلعُ بها المرأة وبيان مدى كفاءتها في إدارتها ونجاحها في ذلك فلا ننكر بأن المرأة العمانية استطاعت أن تخوض الكثير من الأعمال وتثبت كفاءتها في ميادين مختلفة عجز عنها الرجل في بعض من الدول المحيطة بنا ، وتستحق الشكر على ذلك والتقدير .
على صعيدي الشخصي أأؤمن جلياً بأن هناك تفاوت قدرات واختلاف مهارات في ادارة الأعمال ليس بين المرأة والرجل فحسب ولكن حتى بين الرجل وزميله الرجل ، وهذا ليس بغايب عن مدارك الجميع فواقع المعايشة اليومية ينم بالكثير من مثل هذه المشاهد .
المرأة العمانية نجحت ، نعم نجحت في الكثير من الميادين التي كانت حكراً على الرجال ، وها هي توجت نجاحها بعقد هذه الندوة ولا غنى للمجتمع الذكوري في كافة تعاملاته عن الخدمات التي تؤديها المرأة شاء ذلك أم أبى .
وفي المقابل فإن على المرأة العمانية أن تقف لحظة من الزمن وقفة لتحليل هذا النجاح والحفاظ عليه ، يجب عليها أن تدرك جلياً مدى حجم الثقة السامية الكريمة لقائد البلاد المفدى التي أولاها إياها لتنظر بعين ثاقبة الى ما حققته وما يجب أن تسعى لتحقيقه سواء على المستوى الفردي أو التجمعات النسوية في جمعيات المرأة العمانية المنتشرة على ربوع البلاد أو على صعيد أعمالها في القطاعين العام والخاص لتستمر مسيرة عطائها من نجاح إلى نجاح.
أبارك للمرأة العمانية هذا التكريم وأبارك لها ما وصلت إليه ولا أجد ضيراً ولا ضرراً من أن أقول لها كل عام وانتي امرأة عُمانية .

أحمد الشكيلي

20/10/2009

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

ليل المشاعر

في دجى ليلن بهيم اتبعثرت مني المشاعر
وطارت أوراق الكتابة بالرياح الموسمية
وبين جمر وبين شوك صرت أنا مفلس وحاير
حافي الأقدام أمشي والليالي سرمدية
تأزمت أوضاع نفسي وما حصلي من يناصر
جف قلمي من مداده ولا عرفت الأبجدية
تخلى عني اللي أحبه بعد عشرة دهر زاهر
حطم أحلام الطفولة والأماني الأولية
ما بقى لي غير ذكرى تحتفظ بيها الدفاتر
وكلمتن باللون الأحمر مكتوبة على أوراق الهدية

              أحمد الشكيلي

الاثنين، 19 أكتوبر 2009

لدغتان من جحر واحد :.


لدغتان من جحر واحد :.


بالأمس كنت قد كتبت موضوعاً أبرزت فيه مدى فائدة التفاؤل وشحذ الهمم لدى الإنسان ، وإعطاء النفس الدافع نحو بلوغ الغايات المنشودة وفق خط سير ممنهج ومدروس وفق لرؤى الشخص نفسه .

ويبدو أني قد غفلت جانباً ما وهو التعلم من الخطأ لتجنب الوقوع فيه ، وكما في هذا العنوان فقد لُدِغت من جحر واحد مرتين وهاأنا الآن اتذوق مرارة اللدغة الثانية .

لدغتي الأولى كانت عند تعطل جهاز الحاسب الآلي المنزلي منذ أكثر من أربع سنوات فبتعطله حرمني من الكثير من المحاولات الكتابية التي كانت حبيسة ذاك الجهاز والتي لم تكن لدي مسودات منها بخط اليد أو مطبوعة إلا قلة قليلة ، وبمحاولات كثيرة لإصلاح ما فسد في ذاك الجهاز إلا أن الحظ كان عاثراً فنام الجهاز وضاعت محتوياته التي أعتبرها أنا ثمينة بالنسبة لي لأنها مجهود أنا فقط أحس بمدى أهميته .

لدغتي الثانية والتي أأمل أن تكون الأخيرة هي في هذا الوقت فقد شاء القدر أن أفقد الذاكرة الخاصة بي flash memory وهي تحتوي على الكثير مما أسميه أنا بـ " الكتابات " والتي كنت أعتزم على نشرها هنا تباعاً في هذه المدونة حيث أن النسخة الاحتياطية منها غير محدثة فهي تحتوي على الجديد الذي لم أقوم بإضافته الى النسخة الاحتياطية وكذلك الحال فهي ليست مطبوعة ورقياً وبالتالي فأأمل أن يكون مقدار الفاقد ضئيلاً عندما أهرع لمشاهدة نسخة الاحتياط ، وقد يعود السبب الى استخدام أكثر من جهاز لطباعة هذه الاعمال كالحاسب ومن ثم تخزينها في عصى الذاكرة لسهولة حملها إلى أي مكان ،، وها هو الاسبوع الثاني يوشك أن ينقضي ولا أثر لضالتي .

بالله عليكم أليست لدغتان من جحر واحد !!

"اللهم ارجع لي ضالتي"



دمتم بحياة جميلة بعيداً عن أي لدغة

أحمد الشكيلي
19/10/2009


الأحد، 18 أكتوبر 2009

الحياة بروىء مختلفة


الحياة بروىء مختلفة :.


كثير منا ما ينظر الى حياته وفقاً لما تمليه عليه الجوانب المعيشية الخاصة التي يعيشها وما يؤثر فيه ويتأثر به من عوامل في المجتمع المحيط به ، فنرى البعض من يقول بأن الحياة صعبة ، ومنهم من يقول أن الحياة حلوة ، وبعضهم يقرن حلاوة الحياة بمدى فهمك لها ، وكل له وجهة نظر في ذلك وأسباب دعته إلى الاعتقاد بهذا الشيء .

وحيث أني هنا تناولتُ هذا الموضوع الذي دائما ما نسمعه يتردد على ألسنة الكثير من الناس وبناء على تجارب شخصية ومعايشة واقعية فأورد هنا نظرتي للحياة من واقع معايشتي الشخصية لها .

بدايةً الحياة حلوة ومرة في نفس الوقت ، الحياة صعبة وسهلة في ذات الوقت أيضاً فلا يمكن أن تشعر بحلاوة الحلو إلا إذا تذوقت معه طعم المر ، والا فكيف ستستطيع أن تفرق ما بين المذاقين ، إذن الأمر لا يخلو من التضاد وكما جاء في الأدب العربي فإن " الضد يبرز حسنه الضد " والضد بالضد يظهر .

ثانياً : الكثير ممن ينادي بصعوبة الحياة ربما لم يوقدوا في دواخلهم شعلة الحماس والدافع الذاتي نحو تسهيل هذه الحياة وللأسف فقد كنتُ واحداً منهم لفترات طويلة ندمتُ عليها لاحقاً وهذا عايشته في أمور مختلفة ، حيث تعودنا على الأخذ ولم نبادر بالعطاء وهذا ما يجعلنا نعيش في صعوبة عند مواجهة أي مطب بسيط من مطبات الحياة وفي الأساس كان بإمكاننا أن نتغلب عليه بكل سهولة ويسر لو حدثنا أنفسنا بذلك ولكن أصبحنا وللأسف الشديد ينطبق علينا قول القائل " فاقد الشيء لا يعطيه " مع العلم بأننا لم نفقد الشيء ولكننا ساهمنا في إطالة غفوته وجعله ينام قرير العين في دواخلنا .

ثالثاً : تحفيز الذات أمر مهم للغاية " فمن سار على الدرب وصل " ، و" مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة " وهذا هو الشيء الذي ينبغي أن نزرعه في عقلنا الباطن لتكون بمثابة الدافع الداخلي نحو الابداع والابتكار وإلا لما برحنا أماكنا ، ولما أصبح الحال أحسن مما كان عليه وهنا يأتي التحفيز الداخلي من منطلق " ثابر تنجح " والابتعاد عن الاتكال على الغير قد المستطاع ، " فالاتكال على الغير هو السبيل الى الفشل " فأن تتعلم شيئاً يسيراً خير لك من أن تبقى جاهلاً وأن تخطو خطوة للأمام خير لك من أن تبقى قاعداً مكانك ، وأن تتعثر بحجرة فتقوم بعدها مكتسباً خبرة في كيفية تجنب التعثر بها مستقبلاً أفضل من أن تمشي مغمضاً عينيك.

رابعاً : لا أنكر بأن هناك تفاوت قدرات وتفاوت طاقات أيضاً مما يجعل هناك تفاوت في مقدار التفكير وتقدير الأمور على ما يجب أن تكون عليه ، ولكن في المقابل لو جعلت من أفكارك تسير وفق نهج مرحلي قصير المدى وطويل المدى فإنك بالتالي وبلاشك ستحقق هدفاً من هذه الأهداف فتتعلم منه ما يعينك على تحقيق الهدف الأخر .

خامساً : لا تجعل أفكارك حبيسة رأسك " فالبئر التي لا تنضح جف ماؤها" أخرج ما لديك الأخرين فبهذا أنت تعلم وتتعلم ، ولا تخجل من النقد ولا تشمئز ممن ينتقدون لأجل النقد فقط فإن هذا يعني أنك تسير في الطريق الصحيح ، إجعل أفكارك ترى الواقع وساهم في تطويرها ولكل مجتهد نصيب .

سادساً : دع حياتك عامة وابعدها ما استطعت عن الانحصار في ركن معين واسعى الى أن يكون تخصصك في الحياة غير متخصص ، واقطف من كل بستان زهرة حتى وإن طُعِنت بالأشواك فهي ستكون إضافة الى حصيلتك الفكرية والمعرفية .

سابعاً : إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا

ثامناً : من لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر

تاسعاً : إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجوم

عاشراً : يا أيها الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلا



دمتم بحياة جميلة ورؤى جميلة ووطن جميل



أحمد الشكيلي




الاثنين، 5 أكتوبر 2009

بـــدور


* بدور

وحيدة تقف على ذاك الرصيف بوجهها الشاحب ، تأكل الشمس نظارة بشرتها الجميلة ، تعتصرها هموم حياة أجبرتها الأيام والظروف على أن تعيشها ، مسكينة تتقاذفها الأرصفة بين جزر ومد ، لكنها تصارع لأجل البقاء على رصيف واحد ، براءتها الطفولية تمنعها من البوح بكل شيء .. عندما تأتي لتتكلم تتداخل عندها الكلمات وتتلعثم عند النطق بها ، لا يفهمها أحد سوى نفسها .


يا للمسكينة تلفحها حرارة الشمس فتهرول باحثةً عن جدار تتفيأ ضلاله فلا تجد سوى ظل شجرة ميتة لوى الجفاف أوراقها وأكلت الشمس خضرتها .حرارة الجو الشديدة تحبسها وقت الظهيرة فلا تبرح مكانها إلا مستمسكة بذاك الجدار الذي اعتاد على الاحتكاك بظهرها الطفولي ، تقضي ظهيرة كل يوم في نفس المكان وكأنه أصبح ملكاًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً لها لا ينافسها أحدٌ فيه برغم موقعه الاستراتيجي الذي يطل على الشارع المؤدي إلى الحي التجاري في المدينة ، تقبع هناك لوحدها تقتات على فتات خبز يابس اعتادت أن تصره في خلقة بالية بعد أن تجمعه ممن يعطفون عليها فالدنيا ما تزال تحتفظ بقدر يسير من المحسنين اللذين أدخل الله الشفقة في قلوبهم وباتوا يمتلكون شيئاً من العطف والحنان لينثروه عبيراً على الأرض.


تمضي ساعات الظهيرة على بدور ببطء شديد ، هذا الوقت يمثل محطة استراحة قصيرة بل هي بيات ظهري تقضيه بدور تحت هذا الجدار يلفحها هواء ساخن وتقض مضجعها أصوات السيارات المارة من على هذا الطريق ولكن تبقى بدور حبيسة هذا المكان ، فجو المدينة حارٌ جداً وليس بمقدورها الانتقال الآن من مكان لآخر فالشمس تسطع في كبد السماء والوقت صيف قائظ وقطرات العرق تسيل منها وكأنها السيل، اختلاط العرق بالجسد ممزوجاً بالأتربة المتراكمة على ملابس بدور ينتج رائحة طيبة كأنها المسك .


تدب الحياة الى المدينة من جديد فقد حان وقت العصر وها هم المصلون يخرجون من المساجد فيتجهون كل منهم إلى سبيله ، قضاء مصالح شخصية ، تسوق ، زيارات وغيرها كل حسب ما يعن في خاطره .


أحدهم يمتطي صهوة سيارته الفارهة التي بالكاد يتسع لها شارع الحي ، يبدو أنها أحدث ما أنتجته التكنولوجيا ، يطوف بها شوارع الحي عصر كل يوم متفاخراً بها، بكبرياءٍ يضع يده اليمنى على منضدة جانبية تفصل بين المقعدين الأماميين في السيارة ، يميل بجسده نحو اليمين، يمسك مقود السيارة بأطراف أصابع اليد اليسرى ، أصوت الموسيقى الصاخبة تهز كل بقعة تطاءها عجلات سيارته ، يستهجن الناس تصرفاته المغرورة هذه ولكنهم في المقابل اعتادوا عليه وعلى أمثاله فالحي يحتوي على شرذمة قليلين من أمثاله ممن لا يعرفون تسخير المال إلا للمظاهر والكبرياء ، يقود سيارته بجنون وتهور ويداعب أزرار هاتفه بيمناه،وها هي خطوط عبور المشاة أمامه وها هم المارة يقطعون الشارع في المساحة المحددة لهم لا يعبرون إلا بعد التأكد من وقوف السيارات القادمة ، بينهم جسد طفولي صغير نحيل يرتدي لباساً يميل إلى اللون البني وكأنه لباس بدور ، نعم إنها بدور يبدو أنها قد فاقت من غفوتها ووصلت إلى هذا المكان كعادتها سيراً على الأقدام ، تمشي في أخر المارة بالهوينى التي اعتادت عليها ، يتفاجأ بهم يفقد صوابه يرمي بهاتفه جانباً يدوس على فرامل سيارته بقوة بالغة تصدر صوتاً مخيف، تنحرف السيارة في الاتجاه الأيسر من الشارع ، ترتطم بالرصيف الإسفلتي الذي تضع للتو بدور فيه أولى خطواتها نحو بر الأمان ، تحس بأن الموت يداهمها فتصرخ صرخة عالية ليلتفت الجميع إليها يرقبون المشهد الفضيع ، يا ترى ماذا سيحدث ؟!


تقف السيارة الفارهة فاقدة هيبتها وبينها وبين اغتيال براءة بدور طرفة عين ، القدر أوقفها هناك ليمنح لبدور فرصة أخرى للعيش في دوامة هذه الحياة ومتاهاتها ، تشهق بدور شهقة عالية جاذبة نفس الصعداء لترتمي جانباً خايرة القوى فاقدة العزم على الحراك تتكئ على لافتة مرورية ، ينسدل شعرها بلون الليل المعتم على كتفيها الناحلين ، تبعد خصلاته المتناثرة على وجهها بأناملها الرقيقة لتتمكن من رؤية الحقيقة ، الناس التفوا من حولها يتفرجون وهي لا تفقه لقول شيء ، الصمت يعم المكان سوى من لغة العيون ، الجميع تجمع حول بدور بينما السائق مرتطما رأسه بمقود السيارة لم يعره أحد اهتماماً ، ( مجنون ، متهور ،طائش ، مغرور ) تعلو أصوات الحضور بهذه الكلمات ، ( لعله يتأدب ويرتدع ) قالها أحد المارة لزميله وكأنه يكن في قلبه حقداً لهذا السائق المتهور.لكنه أردف قائلاً وهو يتنهد: الرحمة ما تزال في قلوبنا .. هكذا أوصانا الإسلام لنذهب ونسعفه إذاً، يفتحون باب السيارة تمتد أيادي المسعفين ، يخرجونه فتتساقط من جيبي دشداشته الزرقاء نقوداً مختلفاً ألوانها ، يسيل لها اللعاب فترمقها العيون بنظرات الإعجاب وحب التملك ، ولكن لا تمتد الأيدي إليها ، يأتي رجال الشرطة فيطرحون اسئلتهم باحثين عن الأجوبة يتفحصون السيارة فيجمعون ما يجدونه فيها ويحتفظون به لديهم .


يهم الحضور بمغادرة المكان كل حسب وجهته التي كان يرغب الذهاب إليها ، ولكنهم ما زالوا يحركون السنتهم بذلك المشهد الفضيع الذي كاد أن يودي بحياة البريئة بدور ، ينتشر الخبر في أرجاء الحي كل يحوره بطريقته ويصيغه بأساليب التشويق المختلفة ، فهنالك من يبرع في سرد أحداث القصة بدرجة تفوق كتّاب سيناريوهات الأفلام العالمية .


ينحسر ضوء الشمس تدريجياً شيئاً فشيئاً ، يعلو صوت المؤذن " الله أكبر الله أكبر " يتهافت جموع المصلين نحو المساجد ، صلاة المغرب قد حانت ، نهضت بدور من مكانها وبدأت تسحب ذيل ثوبها البالي متجهة نحو ما يشبه غرفة ضيقة أسمتها بيتاً واعتادت على ذلك كل يوم، يكاد سقفها يسقط على رأس المسكينة ، جدرانها متصدعة وأرضها تفوح بطيب الأتربة الناعمة التي تتقاذف نحو أنفها الشاحب لتغلق مسامات صدرها النحيف الذي تزينه نتؤءات العظام وفحمات الجسد.


اعتادت بدور أن تجد مساء كل يوم لقيمات من الأرز البارد بالكاد تسد رمقها وتصلب عودها اللين تضعها إحدى النساء التي حرمها الله من نعمة الإنجاب وسط تلك الغرفة ، مسكينة هذه المرأة اعتادت كل يوم أن تأتي بالأكل لبدور ساخناً شهياً ، ولكن بدور لا تجده إلا بارداً ، وجدت هذه المرأة في بدور صورة لإبنتها التي تمنت أن يرزقها الله بها ، فتحاول كل يوم أن تجدها في غرفتها ولكن هيهات عليها ، فبدور اعتادت أن تستيقظ في الصباح الباكر فتخرج إلى حيث يقدر الله لها فلا تعاود بيتها إلا بعد قضاء يوم حافل من المسير الشاق تطوف به مختلف أرجاء الحي ، وقد يتعدى ذلك أحياناً إلى الأحياء المجاورة والطرق العامة ، لا أحد يعلم غايتها ، ولا مخلوق يفهم هدفها سوى هي ذاتها .


أحمد الشكيلي


9 / 12 / 2006م

السبت، 3 أكتوبر 2009

الأربعاء الأسود

الأربعاء الأسود

ها هي لحظات الأربعاء تقترب رويداً رويدا ، وهاهي نار الشوق تزداد سعيراً ولهبها يزداد علواً وبريقا ، كل شيء كان بجسدي خاملاً أصبح أنشط من كل نشيط ، رقبتي ترتفع عاليا بين فينة وأخرى ترقب ساعة الحائط ، وبعد طول انتظار يقرع جرس الساعة معلناً ولادة يوم جديد " الثانية عشر صباحاً " بتوقيت مسقط ، الهدوء بدأ يخيم على المكان وعقارب الساعة تمضي على مهل متثاقلة مسيرها ، شيئاً فشيئاً تخفت الأصوات تدريجياً إلا من صوت أجهزة التكييف التي تحيل الداخل إلى مرتع جميل للأحلام السعيدة بينما تجعل من الخارج أشبه بحرارة يوم قائظ وما يزال القيظ بعيدا .
تقودني قدماي إلى تلك الغرفة التي استقبلتني منذ خمس سنين في مسقط ففرشت لي أرضها الصلبة وساداً وسقفها الذي لم يعد يحتمل زخات المطر لحافاً ، أفتح الباب فأجد فراشي على حاله ينتظرني لنتبادل سوياً شجون الليل حتى تبزغ شمس النهار فينتشر ضوءها في الأفق معلنة بداية يوم عمل جديد .
النشاط في هذا اليوم ليس طبيعياً والالتفات للساعة أكثر من ذي قبل ، النهار يمضي ببطء شديد والأعمال المتراكمة تنجز تباعاً ، لا مجال للتأجيل ولا سبيل للتسويف وعمل اليوم لليوم .
الكل يراقب ساعته ويتكلم عن الزحام المروري الذي سيجده في طريقه إلى بلده فيتأفف ويتذمر ليلقي باللوم بعدها على الجهة المسؤولة لسوء تخطيطها لشوارع العاصمة ، فالكل يريد أن يصل إلى قريته سريعاً دون تعب أو تأخير ، الساعة الآن تقترب من الثانية عشر والثلث ظهراً ، يرتفع صوت الآذان فتهرع جموع الموظفين الى المساجد " الظهر والعصر جمعاً وقصراً " قالها أحدهم لزملائه وهو يردف قائلاً ( ورانا درب ) !
تباً لهذا اليوم فبالرغم من جماله إلى إنه مملاً فساعات العمل لم تنقض بعد ، لماذا هذا التطويل في دوام يوم الأربعاء ؟
لقد حان وقت نهاية الدوام ، إنها الثانية والنصف ظهراً والشمس تسطع في كبد السماء بأشعتها العمودية تزيد من حرارة الجسد وتستدعي الخيال للإنطلاق والعقل للتركيز وسط معمعة السيارات وزواميرها الصاخبة التي تحول أرجاء المكان إلى ورشة حدادة ... الطريق جداً طويل والمسافة بعيدة والحرارة شديدة وفوق كل ذلك فهي الأربعاء والشوق يحث على المسير بعجالة شديدة بإتجاه المكان الذي يحب كل منا أن يكون فيه ، ولكن ما تزال هناك مهمة أخرى قبل مغادرة العاصمة الجميلة لابد من القيام بها ، فأفراد العائلة هناك بين جدران تلك الشقة ينتظرون وصولي على أحر من الجمر لنذهب سوياً إلى البلد فالأطفال منهم لا يحبذون الذهاب إلا معي .
أصلُ إلى الشقة فأجد أفراد العائلة يجتمعون في عجالة على مائدة الغداء ، الأطفال أنزووا بعيداً لا يرغبون في أكل شيء ، بينما انفتحت شهيتهم للبلاد واستنشاق هواءها أكثر فهم حبيسي الجدران الأربعة طيلة أيام الأسبوع لا يبرحون مكانهم إلا لمدارسهم فالمكان الذي إليه الذهاب خير من المكان الذي منه المسير ولو كثر جماله وزاد حسنه فلابد من ( البلاد وإن طال السفر ) ..
ترفع المائدة ، تغسل الصحون ، طرفة عين فإذا بالجميع يلتفون حول السيارتين ، ( عمي أنا أجي معك ) قالها نصر ، وأضاف قائلاً ( أبوي ما يسرع ويوصل البلاد متأخر ) ، ركبنا سيارتنا واتجهنا في طريق العودة بدأنا نردد ( نصر* نصوري ... رايح البلاد ... بلادي البعيدة ... الخ ) وهي عبارات بسيطة اعتدت أن أداعب بها نصر الطفل الصغير واعتاد إخوانه أن يتغنوا بها في طريق عودتهم للبلاد ، صمت الجميع بعدها لتمتد يمناي إلى مفتاح المذياع فيعلو صوت سالم السعدي مترنما بالميدان ومتغنياً به .
نتفاعل مع البرنامج الإذاعي لننتقل بعدها إلى حديث أغلب ما فيه العاطفة وأجمل ما فيه الصراحة وأعذب ما فيه براءة الطفولة التي تأتي بالكلمة دون حواجز ، ابتسامات الأطفال وقهقهتهم وتساؤلاتهم الغريبة التي تبحث عن إجابة لظواهر الطبيعة ومجريات الحياة وكأن فكرهم قد كسر كل القيود التي كانت تكبله طيلة الخمسة أيام الماضية ليقودهم للانطلاق بخيالهم الواسع لخارج حدود المألوف تجعلني احتار كثيراً لأجد إجابة تستوعب تساؤلاتهم الغريبة ، ولكن في النهاية أجد ما يقنعهم ويشبع نهمهم الفكري.
نسير على صفيحٍ رقيق من حديد فالساعة تقترب من الثالثة والنصف والموعد المرتقب جداً مهم ما يزال أمامنا نصف ساعة قادمة وساعتين أخرى في رصيدنا وفقاً لقوانين وزارة الصحة ، إذن سنتمكن من زيارة الوالد في المستشفى ونجلس معه حتى السادسة فساعة واحدة تكفينا هذا اليوم ، وغدا الخميس يوم إجازة رسمية سنقضي الصباح بجانب سرير الوالد ثم نعاود الكرة في المساء حتى يخرجنا حارس الأمن ، ما رأيكم يا أولاد ( قلت وكنت متيقن إجابة القبول منهم )فأجابوا بصوت واحد ( انزين ) .
لحظة فلحظة تقصر المسافة تدريجياً ينطوي بعد الطريق ولكن ما يزال أمامنا ما يقارب نصف المسافة ، هناك تقبع ولايتنا خلف هذه السلسلة الجبلية الشاهقة والممتدة نحو البعيد ، لماذا لا تقوم الحكومة بتكسير هذه الجبال لتختصر لنا المسافة فتوفر لنا الكثير من الوقت والمال ؟ _ قلت في نفسي ذلك _ ولكن الإجابة تأتي مسرعة لتقول لي انظر إلى عظمة الخالق ومدى علو هذه الجبال وضخامتها ، كم من الوقت ستحتاج لتكسيرها وكم من الأموال ستنفق والجهود التي ستبذل لتسويتها بالأرض ؟!! فعلاً إن الأمر مكلف جداً ولا داعي للقيام به فهناك أولويات أخرى تقوم بها الحكومة والأهم أولى من المهم .
تذهب بي الأفكار قريباً وبعيداً أسبح في بحرٍ من الأفكار وأحلام اليقظة التي تزاور كل من يطمح لشيء قد يراه بعيد المنال ، أغرق في تفكير عميق وسط حكايا الأطفال ودعاباتهم الظريفة ، (عمي وين إحنا ؟ ) قالها نصر ليقطع عليّ خلوتي بنفسي ، ( إحنا قرب سمائل )ــ أجبته باختصار شديد ـــ عدتُ بعدها مباشرة لأخلد لصمتي وتفكيري وتأملاتي اللا محدودة التي تأبى التكنولوجيا الحديثة إلا أن تقطعها عليّ ، صوتٌ يأتي من سماعة هاتفي المتهالك :
( ما عاد بدري قلت لي وش تحرى
ذابت نجوم الليل من جمر الآهات
ما عاد بدري تدري العمر مرا
سرقت سنينه مننا كيف لحظات
تقول باكر وانت باكرك برا
برا الزمن واقف على مر الأوقات
بتنتهي الدنيا قبل ما تجرا
لاضاعت الفرصة ترى الموت حسرات )
سبحتُ في خيال هذه الأغنية الجميلة حتى امتدت يدي لتخرج هاتفي من جيبي الأيمن ، الرقم الظاهرُ على شاشة الهاتف هو رقم أحد الأصدقاء المقربين للعائلة ، لكن ماباله يتصل بي في هذا الوقت من الظهيرة على غير عادته ، كما أنه لم يعتد محادثتي هاتفياً إلا ما ندر وللضرورة القصوى ـــ تسألت في قرارة نفسي ذلك ـــ دعني أرد لأعرف الجواب : السلام عليكم ، وعليكم السلام ، كيف حالك ، الحمد لله بخير ( الأمر غريب فهذا صوت أخي ، ما الذي جمع الإثنين في هذا الوقت فالساعة الآن الرابعة عصراً والمسافة بين الإثنين نصف ساعة بسيارة تسير على سرعة مائة كيلو متر في الساعة ) قلتها في نفسي ، يسألني أخي (أحمد وين انته ؟) ( الحين في سمائل ! ، ( خير أيش هناك ) قلت متسائلاً ومستغرباً من السؤال مبدياً نبرات الاستغراب في صوتي ، بكل ثقل وحزن شديد ونبرات الحزن تختلط بصوت البكاء ( رحمة الله تغشى المؤمنين ) قالها أخي ، تنطلق حنجرتي من مكانها يعلو صراخي فيصبح الفعل عكسياً لتكبس قدمي على فرامل السيارة بلا شعور ، ماذا تقصد ؟ قلتها بصوت عالي وأظن بأن من في السيارة المجاورة سمعوني ! ( أبويي توفى الآن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، لألألألألألألألألألأ ... بكاء بداء يعتصرني ، أحشائي ترتطم بعضها بعضاً ودموع تسيل على خديّ المترهلين ، ( موه هناك عمي ؟) قالها هادي ووجهه بدأ يميل للإحمرار وعيناه بدأت تضخ شيئا من الدمع الطفولي الممزوج ببداية الولوج في دوامة الحياة ( جدكم مات ! ) قلتها والبكاء يكاد يقطع أوصالي ، علا صراخهم وكثر دمعهم حتى نصر ذلك الطفل المسكين نضحت عيناه دمعاً بريئا كبراءة طفولته الغضة ، فهو لأول مرة يعرف معنى الموت فلم يسبق له أن عاش موقف فقد إنسان عزيز في العائلة .
تتحول السيارة إلى صراخ وعويل ، بكاء ونحيب بمختلف الأصوات ، غمامة سوداء تضلل طريقي ، صداع يجتاح رأسي ، ضيق نفسي شديد ، ارتفاع في معدل التنفس بكاء في بكاء ، تنطلق السيارة شاقة أمامها طريق العودة يرتفع مؤشر السرعة عالياً فهاهي تتجاوز المائة والأربعين كيلو في الساعة ، أجهزة ضبط السرعة تكبل الشارع بين فينة وأخرى ، لا شك إنها ستجد فريسة سهلة هذا اليوم ، سيكون يومها هذا استثنائياً بمثابة عيدٍٍٍٍِ لها فستضمن أن تجني مني مبلغاً كبيراً من المال يترك هناك في خزانة الشرطة .تباً لها هذه الرادارات ! قلتها يصوت عالي كصوت بكائي .
أكملتُ مشوار الطريق تضللني سحابة حزن سوداء تتقاذفني الآهات ويتجاذبني النواح ، أبي مات ، مات سريعاً فلم يمهله المرض الذي تعاون معه من يدعونهم بالأطباء وهم لا يفقهون في الطب شيئاً سوى أسبوعين فقط لتأتي النهاية المحتومة في الثالثة واثنتين وخمسين دقيقة على سرير المستشفى ليصبح اليوم أسوداً بكل ما تحمله كلمة السواد من معنى إنه حقاً أربعاء أسود لن تنسى ذاكرتي سواده القاتم ولن تبرح مخيلتي أحداثه المؤلمة ( ورحمة الله تغشى المؤمنين ).



أحمد الشكيلي
7/ 5 / 2006 م

قصة حب

* قصة حب
أذا شــــع نـــورك في وســـط الظلام تبددت أوهام
وإذا انســمــــع صــوتـــك تــخــر الــنــاس ولـهانــه
اذا الكافر لمح وجــهك دخـــل في نــعــمة الإسلام
خــلى الشــرك لإهــله وهــجــرهــم كــل أعـوانـــه
ترى بـــنورك تنــور الدار حقيقـة ما غدت أحـلام
تـــهــنى كــل مــن شــافــك حــفــظ دينـه وإيمانــه
مــنـــارة لــلـــحســـن انتــي بــلا شــهـرة ولا إعــلام
عـــطــاك الــرب من عـنده حسنٍ صعب تبيانــه
حبيـــبة تسـكـــني فــيني من موطى القــدم للـــــهام
طـــعــم الــحب معـك ذقته وعشقته بكل ألوانــه
إذا بالحـــبر كـــتبــونـــك كـــتبـت اسمك مدى الأيام
بــنــزف الــدم خــطـيــته فــــ كـتـابــن انتي عنوانه
تــرى حبـي غــدى قصــة وسيرة ما روتها افلام
بنى فوسط الحشا قصرن كبيرن راسخ أركانه
يــجـوز الحــب عــذبني ، سـهرت الليل أيد ما انام
أناظــر دنـيتي فــ قـلبـي وأشـوفك فيها مـــزدانه
تــخيـلت العــشــق شــجرة نـبتت داخل الاجسام
دماء الـــقلــب تــرويــها وأبــد ما يــوم عطشانه
مع الأيام بدت تكـــــــبر وصـــــارت ظل للأريـــــــام
تفيتها جموع الغـــيد وهــي بالــحــب مــــليانـــة
حسود كل من حولك لأنك في الحـــــــــسن قــــــدام
بقى وجهك يشع النور بـحلـى عيونه وأوجــــانه
وإذا لحبك تصير حروب غديت الفارس المــقــدام
رددت سيوف عن قلبك طلبت الموت فميدانه
تطول رقاب وأكسرها ما عندي سوى الاعـــدام
فحـــق اللي يـــفكر بس تكــوني عـشق وجدانه
أنا حبـــيت مـــن قــــلبــي فـــلا زيـــرن ولا هــمام
ولا بــكرن ولا تغــلــب يردوا الـقلب عن شانه
ســــيـــوف الـــقــوم لو جـــتني جــروحٍ ما لـها إيـلام
لأن الحب هــو ترســي ودرع القـلب ما خانه
أحبك من صغر سني بغيتك في العشق بهــــــــــيام
وعسى الله يتمم آمالي واشوفك دوم مــــزدانه
**************
أحــمد الشكيلي
17/2/2009 م

تأوهات مظلوم

تأوهات مظلوم ...!!

خرج من مسكنه المتواضع في صباح يوم كان يحسبه أن يكون جميلاً ، أدار محرك سيارته المتهالكة وجلس بها برهة من الزمن ، تمتد يده الى المذياع فإذا بصوت يرتفع ( هااااااذا الصباح ) يستبشر خيراً في جو تكاد حرارته تشوي الأجساد ، توجه الى مقر عمله يسمع المذياع وصوت المذيع الذي يدعو إلى التفأول وتحفيز النفس منذ الصباح الباكر يحث على الهمة وبذل الجهد والنشاط في العمل ، يزداد تفاؤله فإذا به يقول ( إذا لم تعمل ما تحب فــحب ما تعمل ) .
ينظر يمينا ويساراً يرى وجوه الناس وهم في طريقهم لأعمالهم منهم من تبدو على وجهه السعادة ومنهم من ترى شرر الغضب يتطاير من عينه ، يعلق في زحام معتاد فيناضر ساعته ويقول ( حـشرٍ مع الناس عيد ) . يرى الساعة تقترب من السابعة والثلث يقول لنفسه ما اعتدتُ أن أتأخر عن عملي ولكنه ما تزال عندي عشر دقائق تكفيني حتى أصل الى مقر عملي الذي أكن له محبة خاصة .
يصل مقر عمله في السابعة وسبعٍ وعشرين دقيقه ، يوقف سيارته ، يترجل منها ، يمتطي ذلك المصعد الذي لامسه التطوير مؤخراً يصل الى مكتبه فإذا بأحد المراجعين ينتضره على باب مكتبه ( ما شاء الله كأن الرجال ناوي يداوم معنا ) قالها في نفسه وهو ينظر الى ذلك الرجل ، يصافحه فيتبادل معه العلوم والأخبار كعادة العمانيين ، يقول له انتضرني قليلا سآتيك ، يدخل مكتبه فإذا بزميله قد سبقه راءه جالساً يقلب في يديه وريقات تحمل الأسى منذ الصباح الباكر تبادر الى ذهنه كلام المذيع عن التحفيز والعمل وبذل الجهد ، تعال يا .... انظر ماذا حدث من تخبط ؟؟ قالها زميله بكل أسى . يجيبه ليس الآن يا ... فلدي مراجع سأنهي موضوعه وأعود اليك .
جلس مع مراجعه والأسى يتغلغل في داخله ينخر في أعضائه يحطم نفسيته ويزعزع كيانه ، وفوق ذلك لم تفارق الابتسامة ـ ربما المصطنعة ـ شفاهه ، بث نوعاً من التفاؤل في نفس ذلك المراجع المسكين الذي ما إن قضي موضوعه حتى بدأ يدعو بدعوات طيبة لذاك الموظف المسكين ، يستأذنه بالخروج فيرافقه الى ذاك الممر الضيق بعدها ينهي ما استجد من اعمال خفيفه ليست من صميم عمله ولكن كُـلَّف بها فأتمها .
عاد الى مكتبه متثاقلاً يمشي الهوينى تتقاذفه خطواته المتثاقله يمينا وشمالاً ، يفتح الباب فإذا بعدد من الموظفين يقفون داخل المكتب ، قال لا بأس فربما يسلم كل منهم على الآخر فما يزال العمل في بدايته ، تعال يا ...... فقد فعلها الـ...... ! يجيبهم بكل أسى : لا جديد عليهم فليست المرة الأولى التي يقطعون فيها أرزاق الناس !! قد تعودنا على ذلك فماذا بوسعنا أن نفعل !!
هل هكذا يكون التحفيز ؟؟ هل هكذا يكون تكريم الموظف ؟؟ هل هكذا تكون مكافاءة المجد ؟؟ هل وهل وهل ... استفهامات كثيرة تبحث عن اجابة !! ولكن ليس هناك من يجيب .
أصوات تعلو وألسنة تلهج بالدعاء ودموع قاب قوس أن تنهمر على وجه صاحبها لولا أن منعه من ذلك كبرياء الرجولة وعزة النفس ..
مظلوم لا يسمعني أحد ، ولكني على يقين بأن الله يمهل لا يهمل .. قالها أحدهم وهو يخطو خطوات متكسرة ، كاد أن يفقد توازنه فيسقط على تلك الأرضية الراقية لولا لطف الله .
أعمل بكل جد وتفانٍ ، أزاول كل ما اكلف به من اعمال بلا تذمر أو تحفظ ، أجيئ باكراً كل صباح أؤأدي واجبي الوظيفي بكل اخلاص فالعمل واجب مقدس ، أصل الساعة بالساعة وكل اجابة تكون بالسمع والطاعة لم يسبق لي أن خالفت أمراً أو رفضت عملاً أو تجاهلت طلباً وظيفياً كم من الأيام تأخرت حتى المساء وكم من أيام غيرها قمت بواجبي في أيام الاجازات الرسمية متيقنا بأن هناك من يكافيء المجتهد .. ولكن في النهاية يظهر العكس الذي ما كنت أحسب أن يحدث في مؤسستي الرائدة .. أتكون مكافأتي بتأخير ترقيتي !! قالها وهو مطأطئاً رأسه للأسفل .. كيف يعقل هذا ؟
كثيراً ممن وردت أسماءهم في القائمة قد تعينوا بعدي حيث اني اسبقهم بشهور وبعضهم بأيام بسيطة ولكنهم لماذا ترقوا قبلي ؟؟ أردف هذه العبارة متمما لكلامه السابق .. يرد عليه أحد زملائه يبدو أنك لم تحظى بالقبول أو أنك لم تنافق وتجامل وليس لديك من يسندك ويتحدث عنك فبقيت مهملا في ذيل القائمة حالك حال كثير ممن هم متمسكون بمبادئهم لا ينافقون ولا يجاملون وإن حاولوا أن يفعلوا ذلك يفشلون لأنهم ليسوا من هذه الشاكلة .
ولكن ما هكذا النهج الذي تنتهجه الادارة الحديثة ولا هذا ما يدعو اليه علماء الإدارة .. كلهم ينادون بضرورة التحفيز حتى أن المذيع في برنامج هذا الصباح كان يدعو لتحفيز الموظف لإعطائه دافعاً نحو بذل جهد أكبر في سبيل رقي الوطن وعلو شأنه .
وكلتُ أمري إلى الله وسألته أن يأخذ لي بحقي ممن ظلمني ومنذ اليوم وصاعداً فلن اعطي عملي أكثر مما يستحق طالما أنه لا يوجد من يفهم معنى العمل ويقدره .. قالها قبل أن يلقي بجسده على كرسي مكتبه الذي طالما أن تشاركا سوياً في أداء الوجب .
أُحبط ، دُمًّـر ، حطمت معنوياته ، تزعزعت حالته النفسية وتبادرت له مقولة قالها له والده في وقت ماضي واصفاً العمل في هذه الأيام ( العمل هذه الأيام كمن يعمل في التصييف في الماضي من يحمل وقراً أو عشرة أوقار فهم سواسية ) والتصييف هو في لغة العمانيين ( الحصاد ) .
طاب صباح المجتهدين .



أحمد الشكيلي